سلامهم بالقوة يعني الاستسلام

فراس ياغي
سلامهم بالقوة يعني الاستسلام
الكوفية الضربة الامريكية لإيران كانت متوقعة والانتظار كان حتى يتم تجهيز متطلبات الضربة، وقد أشرنا سابقا حول ذلك وقلنا قرار الضربة اتخذ والمسألة كانت مسألة وقت لا غير، وان كل ما يقولونه أمريكيا وأوروبيا هو حديث شكلي، الإيراني بالتأكيد كان يعرف ذلك، بل إن الروس ابلغوا الايرانيين بموعد الضربة، ومهما كانت نتائج الضربة، يبقى السؤال المهم، ماذا ستفعل إيران؟!
الأمريكي واضح يريد تثبيت فكرة تفكيك المشروع النووي الإيراني، واعتبار ضربه للمنشآت النووية نقطة وانتهى، ويريد عودة الإيراني للمفاوضات بحيث يستكمل شروطه وشروط نتنياهو، والرئيس ترامب يهدد بالعودة لقصف الداخل الإيراني اذا لم تذعن للجلوس لطاولة المفاوضات، لان السلام الذي يبحث عنه الرئيس ترامب، هو السلام بالقوة
إذا خيار طهران صفري، فإما ان تذهب مرغمة للمواجهة وهذه المرة ليس مع الإسرائيلي وحده وإنما بجانبه الامريكي، او توافق على دعوة السلام وفقا للشروط الامريكية والاسرائيلية
طهران يبدو انها حسمت امرها وبالتأكيد سترد على الأمريكي ومهما كانت النتائج وكل من بعتقد ان إيران الثورة الإسلامية سوف ترتعد خوفا وتذهب زحفا نحو البيت الأبيض فهو مخطيء والامر يتشابه عليه، لأن إيران وضعت كل السيناريوهات ووضعت خطة لمواجهة كل سيناريو، وهي تعلم أن عدم الرد ستكون تداعياته أكبر بكثير من الرد نفسه
إذا طهران تعلم يقينا ان الهدف الاساسي من هذه الحملة والعدوان المخالف للقانون الدولي، هو راس النظام، الذهاب للمفاوضات سيؤدي إلى إسقاط النظام بسبب الأوضاع الداخلية الصعبة، ورفض هذه الشروط يستدعي ردا إيراني حتمي على الأمريكي قبل الإسرائيلي خاصة مع وجود التفاف جماهيري إيراني داعم للنظام السياسي يكاد يكون كلي ويطالب بالرد حفاظا على الوجود بكرامة وعلى تثبيت قواعد وميزان ردع للمستقبل ويمنع انهيار شامل للإقليم ككل بحيث يصبح بحيرة إسرائيلية تابعة للأمريكي
وهناك الآن من يحاولون إعلاميا النيل من إيران بطريقتين، خاصة الاعلام التابع من الدول التابعة، من خلال إظهار إيران وكأن لا مفر امامها سوى الذهاب لخطوة دبلوماسية برؤيا وشروط أمريكية كونها غير قادرة على مواجه الآلة الحربية الامريكية، والقضية الأخرى هي تضخيم القوة الأمريكية والإسرائيلية، وتصغير القوة الإيرانية لدرجة ان خيارات ايران ليست سوى القاء السلاح والاستسلام
المهمة صعبة أمام الإيرانيين، وعليهم قياس خطواتهم وفقا لما يريده ترامب "السلام بالقوة"، أي الموافقة على ان يتم تجريدها من كل شيء وليس فقط من النووي، والقياس يكون بدفن سلامهم إلى الأبد
وهذا يستدعي ان يكون الرد الإيراني ردا بالمثل، اي التعامل مع المفاهيم الجديدة الطارئة على القانون الدولي، بقانون طارئ إيراني، بمعنى "لا مكان للقانون الدولي ولا للدبلوماسية، وغير ذلك يعني الاستسلام ولا شيء آخر
إيران قالت على لسان أعلى هرم، بان القصف سيكون بالقصف، والهجوم بالهجوم، والدم بالدم، والآن جاء وقت الإيفاء بذلك لمنع سياسة القوة ومزيد من القوة التي أعلنها الرئيس ترامب ومارسها رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو
بسمة نتنياهو، وخطاب الغرور "الترامبي" يجب أن يتحول إلى واقع مختلف في كل المنطقة، واقع ينعكس سلبا عليهم وعلى قراراتهم وعلى طريقة سلامهم، فهذه الحرب التي فرضت على إيران والمنطقة بغير إرادتهم تستدعي شحذ الإرادات والتأكيد للزعرنة والبلطجة الخارجة عن كل منطق التي مارسوها بانها سترتد عليهم وبالا بمفهوم إستراتيجي
إيران أمام اختبار سيحدد مصير كل الإقليم لعقود طويلة، فإما أن يتحول سلامهم بالقوة إلى سلام هم يطالبون فيه، وإما ان يبسطوا نفوذهم على المنطقة ككل، الرد الإيراني على القصف الامريكي غير القانوني وتداعياته هو الوحيد القادر على تحويل التغيير الجيوسياسي الذي يبحثون لفرضه بالقوة، إلى واقع أساسه أن منطقة غرب آسيا لشعوبها وليس للأغراب الذين استوطنوها ويريدون محو شعبها وتاريخها وحضارتها وتراثها وثقافتها وحتى اديانها
لحظات تاريخية ومصيرية ستحددها إيران ولا احد آخر، فإما يسود منطق النفوذ بالقوة والسلام بالقوة، وإما يسود منطق السلام المبني على الندية وإعادة بوصلة القانون الدولي للواجهة بما يؤسس ليس لبقاء إيران كقوة إقليمية فقط، وإنما لإنقاذ غزة ولبنان واليمن مما يخطط لهم، وأيضا يمنع سقوط النظام في إيران