هل انتهت المشكلة وتوقف الصراع؟

حمادة فراعنة
هل انتهت المشكلة وتوقف الصراع؟
الكوفية وسعت المستعمرة الإسرائيلية حجم أعدائها ونوعيتهم، من جبهة المواجهة ضد العرب، إلى جبهة المواجهة ضد دولة إسلامية، وأي دولة، وأي شعب؟: دولة قوية، وشعب عريق، دولة وشعب إيران.
قتلت المستعمرة أكثر من ثلاثين من القيادات العسكرية والأمنية الإيرانية، وأكثر من عشرة خبراء أكاديميين مهنيين في مجال الذرة والطاقة النووية، قتلت قادة شعب، قادة دولة، نظام عقائدي، قتلت كرامة أمة لها تاريخ في الحضور والعراقة.
بعد عام 1948، حرصت المستعمرة وقادتها، ومن صنعها ووقفوا معها وسوقوا شرعية اغتصابها لوطن الفلسطينيين، حرصوا على تسويقها إسلامياً، ففرضوها على تركيا وإيران، أكبر الدول الإسلامية في العالم، والأقرب إلى فلسطين بعد المحيط العربي، مستثمرين وجود أنظمة خانعة للاستعمار القديم وللغرب، معادية لتطلعات العرب الاستقلالية، فكان لهم ما فرضوه على أنقرة وطهران، لصالح المستعمرة، وتعاونوا معاً، لمواجهة تطلعات العرب في الاستقلال على خلفية العداء للثورة العربية الكبرى وما أعقبها من حركات استقلالية، ومن آثار وتداعيات ومؤامرات وعد بلفور، واتفاقات سايكس بيكو، التي كشفتها الثورة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي.
وقفت أنقرة وطهران مع مشروع المستعمرة الإسرائيلي ضد العرب في فلسطين، إلى أن بدأ التحول العربي التركي الإيراني، باتجاه البحث عن المصالح المشتركة، وحُسن الحوار، والتخلص من الهيمنة الأجنبية وأنظمة التسلط الأحادية، والتفرد في إدارة الحكم، إلى ما وصلنا إليه من علاقات متداخلة، وقوائم مشتركة انعكست في مواقف تركيا وإيران مع العرب في فلسطين، وغير فلسطين، حتى نكاد نكون في خندق واحد، وبيان العشرين دولة عربية وإسلامية ضد عدوان المستعمرة على إيران أبرز عنوان تضامني، من أجل أمن المنطقة العربية الإسلامية المشتركة، وفي مواجهة الأعداء القوميين للعرب والمسلمين، وفي طليعتها المستعمرة الإسرائيلية، ومن يدعمها ويقف معها.
تتطاول المستعمرة على أقدس مقدسات المسلمين في القدس والخليل، والمس بقدسية المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني الحرمين وثالث المسجدين، ومحاولات القسمة التعسفية للمسجد الإبراهيمي في الخليل، والتطاول على مقدسات المسيحيين في كنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في القدس، ولا تسلم كنيسة البشارة في الناصرة، ومجمل المسيحيين العرب الفلسطينيين الذين يتعرضون للأذى والتطاول ومصادرة الحقوق ونهب الأرض وتغيير الهوية الوطنية والانتماء القومي.
ما فعلته المستعمرة الإسرائيلية يوم 13-6-2025، لن ينتهي بالاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم 25-6-2025 بوساطة أميركية بين طهران وتل أبيب، بوقف إطلاق النار، بعد تدمير قدرات إيران، ومنعها من التخصيب النووي سواء بالاتجاه السلمي أو العسكري، فقد تركت أثراً لن تمحوه "الطنطنة" و"الرضوخ" إلى قرار وقف إطلاق نار مُلزم، ومراقبة بهدف منع تطلعات إيران نحو القوة والتوازن وحق الاختيار، وفرض الهيمنة والتسلط والتوسع والاحتلال الإسرائيلي.
المستعمرة تحتل أراضي كامل فلسطين، وجنوب لبنان والجولان السوري، وهي بذلك مشروع استعماري توسعي احتلالي على بلاد العرب، وها هي تتطاول على بلد مسلم لتضيف العدوان والتسلط ومنع حق إيران في حرية الاختيار، وها هي تجربتها مع بلدان لديها معها معاهدات "سلام"، ومع ذلك لا تحظى بأي احترام وقبول للشعوب التي توصلت مع حكوماتها إلى حالة من عدم التصادم العسكري، ولكن لم تتحول علاقاتها مع هذه البلدان إلى علاقات الصداقة أو حُسن الجوار، بل التصادم السياسي والقانوني والإنساني، بفعل جرائم المستعمرة المتواصلة في فلسطين ولبنان وسوريا، فأية علاقة نموذجية يمكن تمريرها من قبل أي طرف مع المستعمرة في ظل هذه الجرائم والقتل والتوسع والاستيطان؟