غزة أمام مفترق طرق

إبراهيم الطهراوي
غزة أمام مفترق طرق
الكوفية واضح أن غزة أمام مفترق طرق خطير ومصيري:
أما توقيع اتفاق هدنة مؤقتة لمدة "٦٠" يوم، أو استمرار الحرب، إذا لم يتم التوصل لاتفاق تهدئة. بمعنى آخر إذا لم يتم جسر الهوة بين ما تريده حماس، وما تريده اسرائيل، فكل طرف يتمترس حول شروطه، فهل ترضخ حماس للشروط الإسرائيلية في ظل غطرسة القوة، مع ما تمارسه اسرائيل من قصف وقتل وتجويع للغزيين، مع ما تهدد به من احتلال لمزيد من أراضي القطاع؟.
اجتماع الكابينت الإسرائيلي اليوم الاثنين ٣٠/٦/٢٠٢٥ سيحدد إلى أين تتجه الأمور " تهدئة مؤقتة، أم استمرار الحرب"
بحسب ما رشح في وسائل الإعلام عن اجتماع المجلس الأمني الوزاري المصغر "الكابينت" الذي عقد جلسته أمس الأحد الموافق ٢٩/٦/٢٠٢٥ لمناقشة عقد صفقة تبادل أسرى أو وقف إطلاق نار مع حماس.
أهم ما دار في الاجتماع:
الجيش قدّم تقييمًا بأنّ قواته تسيطر تقريبًا على 75% من غزة،
وقدم توصية واضحة بضرورة بدء صفقة تبادل مع حماس، واعتبار فترة التهدئة استراحة عسكرية مؤقتة لإعادة تجميع القوات.
انتهى الاجتماع بدون قرار نهائي، وسط خلافات حادة بين أعضاء الكابينت بشأن الشروط وإمكانية التوصّل لاتفاق مؤقت، والسبب أن بعض الوزراء يعارضون استمرار وقف إطلاق النار، خشية أن يُصبح دائمًا، خاصة تحت ضغط أميركي.
ورغم الخلافات، عبّر بعض الوزراء عن "تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى صفقة جزئية" تشمل تبادل أسرى وربما وقف مؤقت.
انفض اجتماع "الكابينت" على أن يستكمل النقاش لاحقاً ليوم الاثنين لبحث نفس الموضوع.
تباين المواقف بين المستوى السياسي والجيش
نتنياهو: يُصرّ على ربط إطلاق الأسرى بضغط سياسي وعسكري مستمر لتحقيق أهداف الحرب في غزة.
الجيش: لا يوجد أي تراجع في نشاط القوات في غزة، وهي تواصل تفكيك حماس، وأن القوات لم تصل بعد إلى حد الإرهاق، وفي نفس الوقت يرى أن الهدنة يمكن أن تشكل استراحة لتعزيز القدرات القتالية.
بعض وزراء الحكومة: يخشون أن يؤدي اتفاق مؤقت إلى إطالة مسار العمليات و"دخول الشرق على خط الصفقة".
جدعون ساعر: وزير الخارجية الإسرائيلي في تصريح له يؤكد:
أن اسرائيل غير مستعدة لقبول شروط حماس لإنهاء الحرب.
وأن حماس ترفض حتى اللحظة مقترح ويتكوف الذي وافقت عليه اسرائيل، وأن هناك فجوات تمنع التوصل لاتفاق، بالإضافة لتخوف اسرائيلي من قيام حماس بإعادة سيطرتها على القطاع، وأنها أي "اسرائيل" تفضل التوصل إلى اتفاق في غزة، ولكن إذا لم يكن هناك خيار فسوف نستخدم القوة.
سموتريتش:
أعتبر أن أي اتفاق مع حماس هو تشجيع لخطف يهود في مختلف أنحاء العالم.
وأضاف أن لا مفاوضات مع القتلة، الحرب يجب أن تنتهي بالنصر.
موقف حماس:
بالمقابل فإن حركة حماس تصر على شروطها بعدم الذهاب لتوقيع صفقة إلا بتحقيق هذه الشروط بحسب ما صرح به القيادي في حماس "محمود مرداوي" لقناة الجزيرة مباشر:
الأول: وقف الحرب بشكل كامل.
الثاني: إنسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة بضمانات دولية واضحة وصريحة تضمن التنفيذ الفوري دون مماطلة.
بالاضافه لعدم قبول حماس لأي شروط تمس سيادة الشعب الفلسطيني أو تسعى إلى نزع سلاح المقاومة، وأن أي مقترحات مثل إخراج قادة الحركة تُعد ضربًا من الخيال.
ما رشح عن اجتماعات الكابينت وما صدر من تصريحات على لسان وزير الخارجية ساعر، ووزير المالية سموتريتش، مع إصرار حماس على وجود ضمانات دولية لضمان تنفيذ الانسحاب بدون تأجيل أو مماطلة، كلها مؤشرات غير إيجابية على عدم قرب التوصل إلى اتفاق، وتعطي دلالات بإمكانية استمرار الحرب، مع احتمال توسع العملية العسكرية في القطاع، وصولاً لإحتلاله بالكامل، إذا ما ضمنت إسرائيل حصولها على ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية.
التصريحات المتكررة للرئيس ترامب غير كافية، ما لم يمارس ضغط حقيقي على دولة الاحتلال يجبرها على وقف الحرب، كما فعل من قبل وإعلانه عن وقف الحرب بين إيران واسرائيل.
لوقف الحرب الرئيس ترامب مطالب بتكثيف ضغطه على إسرائيل لجهة وقف الحرب، والقبول بتسوية تكفل الإفراج عن الأسرى، والسماح بتدفق المساعدات، مع وضع خطة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، هل يفعلها ترامب؟.
أخيراً: حماس مطالبة بابداء مرونة أكبر، لأن غزة تذبح، وتجوع، في ظل انتشار الفوضى، وتفشى السرقات، وظاهرة العصابات المسلحة، وقطاع الطرق، وغيرها من الممارسات التي تهدد السلم المجتمعي، وتعصف بالقيم الوطنية والأخلاقية، حماس بصفتها الجهة الحاكمة للقطاع، وصاحبة عملية السابع من أكتوبر عليها مسئولية كبرى في البحث عن حلول لوقف الحرب.
وقف الحرب مؤقتاً لمدة ٦٠ يوم يصب في مصلحة أهالي القطاع أكثر من مصلحة إسرائيل، لأنه على الأقل يوفر لهم وقت مستقطع لتدفق المساعدات، ومحاربة الظواهر السيئة التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
تنويه:
قيام أي تنظيم بإطلاق الصواريخ من داخل القطاع ليس بطولة، بل يستجلب ردود فعل إسرائيلية عنيفة، تعود بضرر مباشر على سكان القطاع "أقله" إجبارهم وتحت تهديد القصف على ترك منازلهم والنزوح تجاه مناطق أخرى ربما تكون آمنة نوعاً ما، لذا إطلاق الصواريخ لن تجلب أي فائدة، ولن تستطيع تحقيق توازن.