نشر بتاريخ: 2025/10/07 ( آخر تحديث: 2025/10/07 الساعة: 00:23 )

التحول السياسي في رؤية الرئيس محمود عباس: نحو إعادة بناء دولة فلسطين الواحدة وتكريس السيادة الوطنية

نشر بتاريخ: 2025/10/07 (آخر تحديث: 2025/10/07 الساعة: 00:23)

الكوفية تشهد الساحة الفلسطينية مرحلة مفصلية في تاريخها السياسي، مع ما أعلنه الرئيس محمود عباس من مواقف وتحولات تُعيد رسم ملامح المستقبل الفلسطيني.

فبعد إعلان حركة حماس استعدادها للتخلي عن إدارة قطاع غزة، جاء تصريح الرئيس عباس عن عزمه الدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية شاملة خلال عام من انتهاء الحرب، ليشكل تحولًا سياسيًا كبيرًا في اتجاه إعادة الشرعية وتجديد النظام السياسي الفلسطيني ضمن رؤية متكاملة لمستقبل دولة فلسطين.

في هذا السياق، شدد الرئيس عباس على أن السيادة الكاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة هي حق فلسطيني خالص لا يقبل المساومة أو التجزئة، مؤكدًا رفضه لأي ترتيبات أو مشاريع بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الشرعية.

هذا الموقف الحاسم يأتي في وقت تتكثف فيه الضغوط الدولية لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني وفق تصورات خارجية، تحاول تجاوز الإرادة الوطنية الفلسطينية تحت عناوين “إدارة غزة” أو “مرحلة انتقالية”.

الرؤية السياسية الجديدة: من الشرعية إلى الشراكة

ما عبّر عنه الرئيس محمود عباس في تصريحاته الأخيرة يتجاوز حدود الموقف السياسي التقليدي إلى طرح رؤية استراتيجية شاملة تستند إلى ثلاثة مرتكزات أساسية:

1. تجديد الشرعية عبر الانتخابات:

الإعلان عن انتخابات رئاسية وتشريعية بعد انتهاء الحرب يُعدّ تحولًا جوهريًا في المسار السياسي الفلسطيني. فالرئيس عباس يُدرك أن إعادة بناء النظام السياسي وتجديد الشرعيات ضرورة وطنية لإنهاء الانقسام وإعادة الثقة بين الشعب وقيادته.

هذا التوجه يعكس قناعة راسخة بأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى قيادة جديدة ومؤسسات منتخبة قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية ضمن إطار وطني جامع.

2. التأكيد على الوحدة الجغرافية والسياسية:

شدد الرئيس عباس على أن غزة والضفة وحدة لا تتجزأ، وأن أي محاولة لفصل القطاع أو وضعه تحت وصاية أو إدارة بديلة مرفوضة جملة وتفصيلًا.

فالرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية تنطلق من أن الدولة الفلسطينية الواحدة هي الممر الإجباري لأي تسوية عادلة، وأن وحدة المؤسسات والقوانين هي الأساس في إعادة الإعمار وبناء مقومات الدولة المستقلة.

3. الانفتاح على المبادرات الدولية دون التفريط بالثوابت:

في خطوة لافتة، رحب الرئيس عباس بموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إعادة إحياء “اتفاق غزة”، معتبرًا أن أي مبادرة دولية يمكن البناء عليها في حال توافرت ضمانات لتطبيقها على الأرض بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية.

هذا الموقف يعكس سياسة فلسطينية واقعية تستند إلى المرونة دون التنازل، والانفتاح دون الإخلال بالثوابت.

إعادة صياغة المرحلة الفلسطينية: من إدارة الأزمة إلى بناء الدولة

التحول في خطاب الرئيس عباس يُعبّر عن نقلة استراتيجية في التفكير السياسي الفلسطيني، من مرحلة إدارة الانقسام إلى مرحلة بناء الدولة.

فالتوجه نحو الانتخابات لا يُقرأ فقط كاستحقاق ديمقراطي، بل كـ خطة استراتيجية لإعادة توحيد المؤسسات وبناء نظام سياسي قادر على الصمود والمساءلة، وإعادة صياغة العلاقة بين القيادة والشعب على قاعدة المشاركة والشفافية.

ويرى المراقبون أن هذه الرؤية تمثل خريطة طريق للانتقال من سلطة تحت الاحتلال إلى دولة ذات سيادة، تستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتُعيد الاعتبار للدور الفلسطيني في تقرير المصير بعيدًا عن الوصاية والهيمنة.

التحول السياسي في ميزان الإقليم والدولي

تأتي هذه التحركات في ظل واقع إقليمي معقد ومتغير، تشهد فيه المنطقة إعادة تموضع سياسي بعد فشل العدوان الإسرائيلي على غزة، وتزايد العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل والولايات المتحدة في مجلس الأمن.

في هذا السياق، تبدو القيادة الفلسطينية أمام فرصة تاريخية لإعادة الإمساك بزمام المبادرة، مستفيدة من:

تراجع المشروع الإسرائيلي لفصل غزة عن الضفة.

تنامي الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين.

تحول المزاج الدولي نحو دعم حل الدولتين وإعادة إعمار غزة بإشراف فلسطيني ودولي.

هذه المعطيات تضع رؤية الرئيس عباس في إطار إعادة التموضع الاستراتيجي للسلطة الفلسطينية كفاعل أساسي في صياغة مستقبل المنطقة، لا كمجرد متلقٍ للقرارات.

استراتيجية المرحلة القادمة: نحو دولة فلسطين المستقبل

إن ما طرحه الرئيس عباس ليس مجرد إعلان انتخابي، بل إعلان لمرحلة سياسية جديدة عنوانها:

“دولة فلسطينية موحدة ذات سيادة على كامل ترابها الوطني، تحكمها المؤسسات والقانون، وتستمد شرعيتها من الشعب الفلسطيني”.

هذه الرؤية تقوم على ثلاث ركائز استراتيجية:

1. إنهاء الانقسام وبناء الشراكة الوطنية على قاعدة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد.

2. تجديد الشرعية السياسية عبر الانتخابات الحرة والنزيهة.

3. تثبيت مبدأ السيادة الفلسطينية الكاملة على الضفة وغزة والقدس، ورفض أي شكل من أشكال الوصاية أو الإدارة الخارجية.

بهذه المعادلة، يسعى الرئيس محمود عباس إلى نقل النظام السياسي الفلسطيني من مرحلة الطوارئ والانقسام إلى مرحلة الدولة والاستقلال والسيادة، مؤكدًا أن الفلسطينيين وحدهم هم من يقررون مصيرهم ومستقبلهم.

خاتمة: إرادة الدولة تتقدم على صراع الفصائل

التحول الذي أعلنه الرئيس محمود عباس هو إعلان عن إرادة سياسية جديدة لبناء مستقبل فلسطين على أسس وطنية جامعة، تتجاوز الانقسام وتستعيد مكانة القرار الفلسطيني المستقل.

وإذا ما نجح هذا المسار في أن يقود إلى انتخابات حقيقية وتوافق وطني شامل، فسيكون الفلسطينيون أمام بداية جديدة لمسيرة التحرر وبناء الدولة.

إن استراتيجية الرئيس عباس في هذه المرحلة تقوم على قناعة مفادها أن:

“الشرعية تُستمد من الشعب، والسيادة لا تُجزأ، والوحدة الوطنية هي الطريق الوحيد إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس