"الأورومتوسطي": "إسرائيل" تحشر سكان القطاع في منطقة ضيقة تحت القصف والحصار
نشر بتاريخ: 2025/07/08 (آخر تحديث: 2025/07/09 الساعة: 01:40)

غزة - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن نحو 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة حُشروا في مساحة أقل من 15% من مساحة القطاع بقدر لا يتجاوز 55 كم² في ظروف خانقة بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية.

وأشار "الأورومتوسطي" في تقرير له اليوم الثلاثاء، إلى أن سكان القطاع يُحتجزون في مساحة الضيقة تحت القصف والحصار، وفي ظل انعدام المياه والغذاء والمأوى والرعاية الصحية، ومنع فعلي للعودة إلى مناطقهم الأصلية المدمَّرة أو المحظورة.

وأكد أن "إسرائيل" تنفذ سياسة مدروسة تُجسّد عملية إبادة جماعية لاقتلاع شعبٍ من جذوره ومحو وجوده المادي والسكاني من أرضه، عبر القتل الجماعي والتهجير القسري والتجويع والتدمير المنهجي للحياة.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن قطاع غزة لم يعد يتعرض للقصف والقتل فقط، بل لعملية محو شاملة.

وحذر أن "إسرائيل" تُعامل أهالي قطاع غزة كمحتجزين في معسكر اعتقال جماعي، بعد أن حولت "إسرائيل" نحو 85% من مساحة القطاع إلى مناطق مغلقة بفعل أوامر التهجير القسري أو السيطرة العسكرية غير القانونية.

وبيّن أن السكّان يعيشون في هذا الحيّز الضيّق والمُدمَّر والمُستهدَف على مدار الساعة والمحروم من الحد الأدنى من الخدمات، في ظروف اكتظاظ غير مسبوقة.

ويبلغ متوسط الكثافة السكانية نحو 40 ألف شخص في الكيلومتر المربّع، فيما تسجّل منطقة المواصي وحدها أكثر من 47 ألف شخص في الكيلومتر المربّع، وهي كثافة لم تُسجَّل في أي منطقة مأهولة على وجه الأرض، "وفق معطيات الأورومتوسطي".

خطط تهجير وتدمير ممنهج..

وبحسب المعطيات التي وثّقها "الأورومتوسطي" حتى بداية يوليو/ تموز 2025 فإن "إسرائيل" دمّرت أكثر من 92% من منازل قطاع غزة، وألحقت دمارًا كليًا أو جزئيًا جسيمًا بأكثر من 80% من المدارس و90% من المستشفيات.

ولفت إلى أنه تم تدمير جميع الجامعات في القطاع بالكامل، في وقت لم تعد فيه أحياء ومدن وقرى ومخيمات بأكملها موجودة، إذ مُسحت بالكامل من الخارطة.

وتابع:" كما تعمل قوات الاحتلال حتى على إزالة الركام ونقله إلى داخل إسرائيل، لمنع الفلسطينيين من العودة بأي وسيلة كانت".

وأوضح أن جميع الأسر في قطاع غزة اضطرت للنزوح قسرًا عدة مرات، في مشهد يلخّص سياسة مطاردة جماعية منهجية ومستمرة، بحثًا عن أمان غير موجود.

وفي السياق، نبَّه التقرير أنه لا مكان يصلح اليوم كملاذ أو حتى مأوى مؤقت في القطاع، فلا كهرباء، ولا مياه صالحة للشرب، ولا مرافق صحية، ولا غذاء، فيما تغمر مياه الصرف الصحي الأزقة، وتنتشر الأمراض والأوبئة والقوارض والحشرات، ويتفشّى الجوع، وتنهار كل مظاهر الحياة.

وشدّد "المرصد" أنّ حصر السكان بين القصف والجوع والمرض، ومنعهم من العودة أو حتى البقاء قرب منازلهم المدمرة، يكشف بوضوح أنّ ما يُنفّذ في غزة سياسة تهجير قسري دائمة ومخطط لها.

واعتبر أن عمليات التهجير الواسعة تُنفّذ بشكل جماعي منهجي في مدينة غزة، لا تحمل ضرورة عسكرية مُلحّة، وتتم دون توفير الحماية أو المأوى أو إمكانية العودة، ما يجعلها خرقًا جسيمًا للاتفاقية، وجريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني والجنائي.

وأكد أن نمط إصدار أوامر التهجير القسري، وجرائم القتل والتدمير واسعة النطاق، وسياسة التجويع المتعمد، كلّها تشكّل مكونات متكاملة لخطة إسرائيلية للطرد الجماعي للفلسطينيين خارج أرضهم.

ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول إلى الاعتراف بأن ما يتعرّض له سكّان قطاع غزة ليست عمليات إخلاء، بل عملية محو منهجية لشعبٍ بأكمله.

وشدد أن المطلوب اليوم ليس التغاضي أو حتى الإدانة، بل الوقوف الحاسم بين سكان غزة واستكمال الإبادة الجماعية بهدفها النهائي، حمايةً لهم من الفناء، وضمانًا لحقهم في البقاء على أرضهم، وبكرامة.

ونادى جميع الدول إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية، واتخاذ تحرك عاجل وفعّال لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، بما يشمل جميع الوسائل المتاحة لحماية المدنيين الفلسطينيين.

وطالب بضمان امتثال "إسرائيل" الكامل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، ومساءلتها عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، وتعويض الضحايا وفقًا لأحكام القانون الدولي.

وحث المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على "إسرائيل"؛ بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي.

وتتمثل العقوبات بحظر شامل لتصدير الأسلحة إليها أو قطع الغيار أو البرمجيات أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري والاستخباراتي والأمني المقدمة لها فورًا.

ودعا كذلك إلى العمل الفوري على إعادة إعمار قطاع غزة، وتعويضهم عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بهم، ومعالجة آثار التدمير المنهجي الذي خلّفته الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، ورفع الحصار الخانق.

وتضمن التقرير مطالبات بإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الإبادة الجماعية، وفتح إجراءات محاكمتهم، التزامًا بواجباتها القانونية الدولية في ملاحقة الجرائم الجسيمة ومنع الإفلات من العقاب.

ووجه نداءه إلى المحكمة الجنائية الدولية بتسريع إجراءاتها في التحقيق بشأن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، والعمل على توسيع نطاق التحقيق ليشمل على نحو صريح جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري.