ضوء "مفاوضات" الدوحة وعتمة "التهويد" في الضفة
نشر بتاريخ: 2025/07/09 (آخر تحديث: 2025/07/10 الساعة: 00:54)

نظريا كان متوقع ان تبدأ حملة غضب وطني فلسطيني، رسمي وشعبي، حول منتج لقاء الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، حول شطب إمكانية وجود دولة فلسطينية، متوافقا مع ترسيم عمليات التهويد تشريعا وعملياتيا، عبر قرارات في كنيست دولة الاحتلال، وتصريحات وزير جيش العدو الاحلالي كاتس.

أدى غياب الموقف الرسمي – الشعبي الفلسطيني، وربما للمرة الأولى مثل ذلك الصمت، من أقوال نتننياهو، إلى تجاهل ذلك من الرسميات العربية، وقنواتها الإعلامية، التي تعاملت معها كخبر صحفي ضمن عشرات من أخبار، كان نصيب ترشيح المطلوب لترامب لنيل جائزة نوبل أكثر قيمة إعلامية من خبر شطب دولة فلسطين، وتشريع التهويد.

بالتوازي، كانت مفاوضات الدوحة غير المباشرة بين دولة العدو وحركة حماس، حول صفقة تهدئة غزة، هي الحاضر الرئيسي في مختلف وسائل الإعلام العربية، ومعها العبرية، تنقل كل ما يقال مرات ومرات، تعيد تصريح لهذا وذاك فلا تكتفي بمرة واحدة، بل تعيد صياغته بشكل جديد، كي تبقى المفاوضات هي العنوان الأساسي للقضية الفلسطينية، ترسيخا في وعي المتابع وكأن قضية غزة هي القضية المركزية وليس غيرها.

اعتقاد البعض، أو تذاكيهم السياسي، بأن حرب الإبادة وجرائم الحرب في قطاع غزة، تفرض حضورها الإعلامي بما لها أبعاد متعددة، لا تقف عند القتل بل ما سيكون في اليوم التالي للحرب سياسيا، مع بعض صواب ذلك، فالحقيقة السياسية التي يتم تجاهلها بترتيبات خاصة، ان التهويد والضم هو الخطر الكبير على القضية الفلسطينية، فهي المعركة الأم، وأي كان البعد الإنساني في قطاع غزة لا يمكنه أبدا أن يصل لما سيكون نتاج المخطط الاحلالي الكبير في الضفة والقدس، فهي قلب الحرب الوطنية العظمى بالمعني السياسي والفكري.

وتذكيرا لمن يريد تزوير الذاكرة الوطنية، عندما تم التوصل لاتفاق "إعلان المبادئ" 1993 (أتفاق أوسلو)، اعتبرته قوى اليمين والفاشية اليهودية، وقادة عسكريين منهم رئيس أركان جيش الاحتلال يهود باراك في حينه، بأنه يمثل "خطرا وجوديا على دولة الكيان"، وهم بالواقع تحدثوا حول الفقرة الرابعة الخاصة بالولاية الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبارهما وحدة جغرافية واحدة، مع التفاوض على القدس بشقيها الشرقي والغربي في مفاوضات الحل الدائم، بجانب قضية اللاجئين والأمن والحدود.

لم يكن قطاع غزة ركيزة من ركائز المشروع التهويدي في حينه، ولكنها كانت الضفة والقدس، فجاء اغتيال رئيس حكومة الكيان رابين الذي وقع مع ياسر عرفات اتفاق إعلان المبادئ، الرد الوحيد لقطع الطريق على استكمال فرض الكيانية الوطنية، مستخدمين في حربهم أدوات فلسطينيةـ أبرزها حركة حماس، والتي أكملت هدف التهويد الموسع في طوفانها يوم 7 أكتوبر 2023.

لا يمكن اعتبار أن عملية "التعتيم" إعلاميا وسياسيا لحركة التهويد بالترافق مع بناء نظام احلالي بديل في الضفة والقدس للكيانية الفلسطينية فعلا عفويا، خاصة بعدما أطلقت دولة الاحتلال رأس حربة سامة جديدة، من خلال "إمارة الخليل" كنموذج يراد أن يكون في "إمارات فلسطينية غير متحدة" في الضفة وقطاع غزة.

هل بدأت رحلة تدمير المنجز الوطني الكبير بعجز فلسطيني، وتوافق رسمي عربي كجزء من الترتيبات الإقليمية الجديدة، التي تتسارع خطواتها، وقبل انتهاء الحرب العامة في المنطقة، وتصبح تهدئة غزة جائزة الصمت والتواطئ.. ذلك هو السؤال الكبير جدا.