جيش الاحتلال يضغط على سكان غزة للنزوح نحو مناطق غير آمنة استعداداً لاحتلال المدينة
نشر بتاريخ: 2025/08/28 (آخر تحديث: 2025/08/28 الساعة: 23:19)

**جيش الاحتلال يدفع سكان غزة للنزوح نحو مناطق غير آمنة استعداداً لاحتلال المدينة**

ينفّذ جيش الاحتلال حملة لإخلاء مدينة غزة والمناطق الشمالية تحضيراً لتصعيد العدوان وشن عملية تهدف إلى احتلال المدينة. وتتمثل الحملة في دفع المدنيين للنزوح نحو 19 منطقة في وسط وجنوب القطاع، رغم أن بعضها يصنفه الجيش نفسه كمناطق قتال محظورة وغير آمنة للسكان، وفق تقرير لصحيفة "هآرتس" اليوم الخميس.

وجاء في بيان صادر عن الناطق باسم جيش الاحتلال، أمس الأربعاء، تأكيده على أن "إخلاء المدينة لا مفر منه"، وحثّ السكان على النزوح جنوباً. وادعى أن هناك "مساحات كافية للنازحين"، مرفقاً بيانه بخريطة تضمنت نحو 19 منطقة في وسط وجنوب القطاع قال إنها "خالية من الخيام وصالحة للإقامة".

لكن تحليل هذه المناطق بمساعدة خبراء خرائط من جامعة بن غوريون والجامعة العبرية كشف أن ستة من هذه المناطق تقع كلياً أو جزئياً ضمن مناطق يصنفها جيش الاحتلال نفسها كمناطق قتال محظورة على المدنيين. وبعض هذه المناطق ملونة بالأحمر في خرائط رسمها الجيش نفسه، ما يؤكد خطورة النزوح إليها.

المساحة الإجمالية لهذه المناطق لا تتجاوز 7 كيلومترات مربعة فقط، وهو رقم غير كافٍ لاستيعاب نحو مليون نسمة يسكنون مدينة غزة وضواحيها، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وبذلك، سيكون نصيب كل نازح من هذه المساحات حوالي 7 أمتار مربعة فقط، تشمل مكان النوم والخدمات والبنية التحتية، وهو وضع لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات الحياة الإنسانية.

وفي تصريحات لرئيس بلدية دير البلح، نزار عياش، أكد أن لا توجد مواقع في دير البلح أو في المناطق الوسطى قادرة على استيعاب خيام جديدة، محذراً من كارثة إنسانية وشيكة. صور أقمار صناعية أظهرت كثافة عالية في بعض المناطق التي يصفها جيش الاحتلال بـ"الفارغة"، كما بينت أن مناطق أخرى عبارة عن كثبان رملية أو طرق أو مناطق معرضة للغمر بمياه الأمطار، مما يجعل العيش فيها شبه مستحيل.

حذّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن من تصعيد خطير في غزة، معتبراً أن التوسّع العسكري الإسرائيلي يمثل تجسيداً لأسوأ المخاوف لدى السكان، وسيؤدي إلى كارثة إنسانية. كما أكدت منظمات إنسانية أن السكان المهجرين عدة مرات يعجزون عن تحمل موجة نزوح جديدة بسبب محدودية قدراتهم المادية والنفسية.

من جهته، أشار الناطق باسم جيش الاحتلال إلى تقديم مساعدات مدنية للعائلات التي تنتقل جنوباً، مشيراً إلى إدخال خيام جديدة، وتجهيز مناطق لتوزيع المساعدات، وتمديد خطوط مياه ومرافق إضافية، لكنه لم يرد على التحذيرات المتعلقة بعدم أمان المناطق المقترحة.

شهادات من داخل غزة تكشف عن صعوبات مالية ولوجستية كبيرة تحول دون إخلاء السكان، حيث تصل تكلفة النقل للعائلة الواحدة إلى آلاف الشواقل، مع وجود تكاليف باهظة لاستئجار وسائل النقل وشراء مستلزمات الحياة الأساسية كالخيام والمراحيض المتنقلة. وأكد مواطنون أن النزوح ليس مجرد البحث عن أرض فارغة بل رحلة معاناة ورعب، مع وجود من يفضلون البقاء وسط الركام أو على الطرقات لعدم توفر بدائل.

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اتهم جيش الاحتلال بنشر خرائط مضللة بهدف تهجير السكان قسرياً، واعتبر هذه الخطوة جريمة حرب تزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. وأكد أن المناطق التي أشار إليها الاحتلال مكتظة فعلاً بمئات آلاف المهجرين الذين يعيشون في ظروف صعبة جداً، وأن هذه الأراضي غير مجهزة ولا صالحة لاستقبال المزيد من السكان.

وأضاف البيان أن سياسة التهجير القسري التي يفرضها الاحتلال تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب واتفاقية جنيف الرابعة، وتهدف إلى تفريغ محافظتي غزة والشمال من سكانهما في إطار ما وصفه بـ"التطهير العرقي الموثق".

في ظل هذا الواقع، يبدو أن نزوح السكان بات محفوفاً بالمخاطر الإنسانية واللوجستية، وسط تحذيرات دولية من تصاعد كارثي في الأوضاع على الأرض، مع استمرار الحصار ونقص الإمدادات الأساسية.