المستوطنات هي المالك الحصري لإسرائيل!
نشر بتاريخ: 2025/09/10 (آخر تحديث: 2025/09/10 الساعة: 18:03)

كتب الكاتب والمليونير اليساري، عاموس شوكن مالك صحيفة هآرتس يوم 25/11/2011 عن توقعه لحاضر إسرائيل ومستقبلها.

أورد جزءا من خطاب رئيس وزراء إسرائيل، إسحق رابين، أمام الكنيست العام 1993، قبل اغتيال رابين بعامين قال: «لا تصابوا بالدهشة، فبعد سنوات ستمتلك إيران السلاح النووي، ولهذا يجب أن نسعى لفتح نافذة للسلام، بدلاً من الحرب».

وقال شوكن أيضاً: إن إسحق رابين كان يستشرف المستقبل حين عقد اتفاق السلام مع الفلسطينيين، وكان يرى ضرورة وضع حد للاستيطان، وكان يأمل تحسين أوضاع الفلسطينيين الصامدين في أرضهم منذ العام 1948، أي (عرب إسرائيل) غير أن هذه الرؤية اصطدمتْ بتنظيم، كتلة الإيمان (غوش إيمونيم) الأصولية الاستيطانية، وهي إحدى أبرز إفرازات الصهيونية الدينية الاستيطانية، تبنتها حركة مزراحي الأصولية اليهودية، وحولتها من حزب سياسي يناصر اليسار كان يُسمى، المفدال إلى، غوش إيمونيم زعيم الاستيطان الأول الذي يعتمد أيديولوجيا متطرفة تقول: «إن حرب 1967 كانت امتداداً لحرب الاستقلال، لذا فإن حدود إسرائيل، لم تعد هي حدود العام 1948، بل هي حدود ما بعد الرابع من حزيران 1967»!

غوش إيمونيم تنظيم استيطاني ديني، وليس حزباً سياسياً بالمفهوم الأكاديمي، هذا التنظيم الاستيطاني الأصولي لا يُقيم اعتباراً لحقوق الإنسان، ولا يرى وجوداً لأحد في كل فلسطين غير اليهود، فالآخرون غائبون في أيديولوجية هذا التنظيم الاستيطاني المتطرف!

غوش إيمونيم دفيئة انتخابية لكل القيادة الإسرائيلية، وهو اليوم القائد الفعلي للسياسة في إسرائيل، فمن يرغب في الاستيلاء على رئاسة الوزارة والحصول على المناصب، فما عليه إلا أن يلبس عباءة تنظيم، غوش إيمونيم الاستيطاني، فقد لبسها شارون، وأولمرت، ونتنياهو، وإيهود باراك، وليبرمان، وزفولون هامر وغيرهم! قال عاموس شوكن مالك الصحيفة: «إن مصطلح، الأبارتهايد كان تعبيراً يميز بين الأبيض والأسود في جنوب إفريقيا، أما هنا في إسرائيل فهناك أبارتهايد بين شعبين، الشعب الأول الإسرائيلي يملك كل الحقوق، أما الشعب الآخر الفلسطيني فمحرومٌ منها، كما أن الشعب الأول يحكم الشعب الثاني، للأسف فإن أيديولوجيا حزب الاستيطان، غوش إيمونيم حققت نجاحاً باهراً في أميركا أيضاً، جذبت العدد الكبير من المسيحانيين الصهيونيين الذين يدعمون مرشحي الحزب الجمهوري، وهذا التكتل الكبير في أميركا جعل من الصعب على أي رئيس أميركي أن يتبنى أي سياسة ضد نظام الأبارتهايد في إسرائيل»!

حزب غوش إيمونيم هو الحزب الذي أفرز لنا في انتخاباته الأخيرة في شهر تشرين الثاني 2022 زعيمين رئيسين لغوش إيمونيم هما: بتسلئيل سموتريتش، وبن غفير، برزت خطة هذا الحزب الرئيسة في إقرار القوانين العنصرية الملائمة للأبارتهايد، والتي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان وهي، قوانين ضد حرية الصحافة، وضد الفلسطينيين مواطني إسرائيل، فعندما سُنَّ قانونُ قسم الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية من الفلسطينيين، ازدهرت حملة التحريض ضدهم وضد الأكاديميين الإسرائيليين اليساريين، لا يزال، حزب الاستيطان الأصولي، غوش إيمونيم يحاول نزع صلاحيات المحكمة العليا، لأنها تُعوِّق أهداف، غوش إيمونيم، وتعرقل كل الخطط القاضية بتهويد كل الأراضي في إسرائيل، وطرد الفلسطينيين من أرضهم!

أقوال عاموس شوكن مهمة، لأنها تستطلع المستقبل، وهو كان يتوقع فشل الحل السلمي مع إيران ما يدفع إسرائيل إلى ضرب إيران عسكرياً، كانت تصريحات شوكن تؤشر بالضبط على خط سير عصابة، غوش إيمونيم، وهي خطة قطار الاستيطان المركزي، غادرت، غوش إيمونيم سكتها التكتيكية كمؤيد لليسار وبرز ذلك في انقلابها الديني العام 1977م عندما اندمجت في حزب الليكود، أما سائق عربة، غوش إيمونيم فهو حركة يشع الاستيطانية، وهي الابن المتبّنَّى من غوش إيمونيم، وهي من خلال تسميتها تعني الاستيطان في الضفة الغربية، أو يهودا والسامرة وقطاع غزة!

وصف الكاتب، حاييم هنغبي في صحيفة معاريف 1/7/2001 في مقال له بعنوان: جيش الإنقاذ ذروة التحريض عند حاخامي يشع، متحدثاً عن قمع المستوطنين للسكان الفلسطينيين قال: «كانوا يحملون أسلحتهم، ويتحدَّونَ الجميع، يجوب المستوطنون المسلحون شوارع الضفة في دوريات حراسة، الأسلحة جاهزة، ترفرف الأعلام على سياراتهم، يريدون بسط سيطرتهم على السكان، وإبعادهم عن أرضهم، إن الأعلام التي يرفعونها على سياراتهم هي أعلام جيش إنقاذ إسرائيل، أعلام بيت إيل، فالحديث لم يعد يدور عن دولة تملك مستوطنات، بل مستوطنات تملك دولة».

ترجع مبادئ وأصول حركة، غوش إيمونيم، إلى الحاخام الأكبر، موشيه بن نحمان المتوفى العام 1270، وهو أيضا أستاذ، ثيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية!

موشيه بن نحمان، هو أول من بذر بذور اغتصاب كل أرض فلسطين، وليس منطقة سي التي هي 61 % من مساحة الضفة الغربية، لأنه هو أول من نادي بشعار تبنته حركة، غوش إيمونيم، وهو «الاستيطان فريضة دينية يهودية واجبة، ولا تجوز ممارسة شعائر الدين اليهودي إلا في فلسطين فقط، كما يجوز لليهودي أن يُطلِّق زوجته اليهودية إذا رفضت الهجرة إلى فلسطين»!

يجب ألا نُغفل أهم الحقائق وهي أن تعاليم، موشيه بن نحمان الاستيطانية منذ القرن الثالث عشر هي التي جذبت التيار المسيحاني الصهيوني وجعلته يؤمن بأن الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين هو الذي سيُعجل بقدوم الماسيح المنتظر، قال عضو المسيحانيين الصهاينة الواعظ جيري فالويل سنة 1980: «إن الله بارك أميركا، لأن أميركا دعمت إسرائيل».

مع العلم أن طائفة المسيحيانيين الصهيونيين تمثل 13% من مسيحيي العالم، يبلغ عددهم في أميركا فقط أكثر من أربعين مليوناً، هم الأكثر دعماً لإسرائيل، وهم منتخبو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهم الوحيدون المؤيدون لسفارة في القدس، كما أنهم أكبر منظمة داعمة لإسرائيل في العالم، ومن أبرز مبادئ المسيحانيين الصهاينة: «إن عودة المسيح لا يمكن أن تتم دون استيطان (كل أرض الميعاد)»!