أميركا في مواجهة موجة الاعتراف العالمية..
نشر بتاريخ: 2025/09/23 (آخر تحديث: 2025/09/23 الساعة: 17:43)

الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد مجرّد خطوة رمزية أو قرار دبلوماسي متفرق بل تحول إلى موجة عارمة تهز النظام الدولي. عشرات الدول انضمت خلال الأشهر والايام الأخيرة إلى ركب الاعتراف بواقع اكثر من 150 دوله من اصل 193 دوله اعضاء في الأمم المتحدة ما جعل القضية الفلسطينية تخرج من دائرة الصراع المحلي إلى معركة سياسيه عالمية..

حيث أن الولايات المتحدة التي شكلت لعقود الدرع الواقي لإسرائيل تواجه اليوم مأزقا استراتيجيا غير مسبوق فالموقف التقليدي الرافض لميلاد الدولة الفلسطينية لم يعد مقنعا حتى داخل أميركا نفسها الجامعات تغلي والرأي العام يتغير وأصوات في الكونغرس بدأت ترفع شعار لا يمكن أن نبقى رهينة لسياسات إسرائيلية تضر بمصالحنا ..

هنا يظهر الارتباك الأميركي بين ضغط الداخل وخسارة الخارج وأمام انتخابات قادمة قد تجعل الموقف الفلسطيني عنصرا في صراع البيت الأبيض..

أما بالنسبة لما تسمى تل أبيب كل اعتراف جديد يعد كابوسا يقترب فقد بُني مشروعها الاستيطاني على فرضية أن الفلسطيني بلا كيان، بلا دولة، بلا شرعية. لكن حين تتوسع دائرة الاعتراف الدولي يتهاوى هذا الأساس. إسرائيل تخشى من لحظة تتحول فيها قرارات الأمم المتحدة من حبر على ورق إلى سيف قانوني وأخلاقي يلاحقها أمام العالم.

وبخصوص الموقف الأوروبي الذي يزداد انقسامًا دول غربية وشمالية سبقت بالاعتراف فيما تتريث أخرى خشية خسارة الغطاء الأميركي. لكن في المقابل أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا تتحرك ككتل صلبة في اتجاه واحد إعادة الاعتبار لفلسطين كقضية تحرر وكرامة إنسانية.

هذه الموجة قد تعيد فتح ملف العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة وتجعل واشنطن في مواجهة مباشرة مع غالبية العالم..

وهنا السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هل تستطيع الولايات المتحدة خوض صراع دبلوماسي مع العالم بأسره من أجل إسرائيل؟

إذا أصرت واشنطن على الرفض فإنها ستجد نفسها معزولة، ليس فقط أمام الرأي العام العالمي، بل أيضا أمام حلفاء بدأوا يبحثون عن بدائل. أما إذا رضخت للموجة فستكون هذه سابقة تعني نهاية عقود من الهيمنة الأحادية على النظام الدولي.

الاعتراف بفلسطين لم يعد مجرد ورقة تفاوض بل أصبح معيارا أخلاقيا وسياسيا يقيس مكانة الدول. العالم يتحرك بسرعة في اتجاه واضح .بينما أميركا وإسرائيل تقفان عكس التيار . وهنا تكمن لحظة الحقيقة. إمّا أن تدرك واشنطن أن حماية إسرائيل لم تعد تساوي عزلتها عن العالم أو أن تدخل في صراع سياسي تاريخي قد يفتح الباب لولادة نظام دولي جديد…عنوانه الأبرز فلسطين دولة رغم أنف الاحتلال والفيتو الأميركي.

والله غالب ..