الرئيس ترامب بين نارين، وطرفين متناقضين في المصالح والتطلعات، ويفترض أن طرفي الصراع والخلاف والتفاوض، أصدقاء وحلفاء للولايات المتحدة:
المستعمرة الإسرائيلية من طرف، والبلدان العربية والإسلامية الثمانية من طرف آخر: خمسة من العرب، قادة قطر، الأردن، مصر، الإمارات، السعودية، وقادة ثلاثة بلدان اسلامية تركيا، إندونيسيا، الباكستان.
المستعمرة لها نفوذ داخل الولايات المتحدة تشكل القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري وللرئيس ترامب، يتجاوزوا الثلاثين مليون ناخب من المسيحيين الانجيليكيين الصهيونيين، إضافة إلى الفريق الذي يعمل مع ترامب من مؤيدي المستعمرة والداعمين لها.
قادة البلدان العربية والإسلامية يدعمون فلسطين وحق شعبها بالحرية والاستقلال، إضافة إلى التحولات في مواقف البلدان الأوروبية الأساسية: بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، البرتغال، بلجيكا، إيطاليا، والدول الاسكندنافية، الذين اعترفوا بدولة فلسطين باستثناء ألمانيا، حيث تحولت أوروبا إلى رافعة نحو الحل المتوازن بين المستعمرة وفلسطين.
معطيات معركة غزة لم تحسم نتائجها لصالح أحد طرفي الصراع: الإسرائيلي أخفق وفشل في تحقيق أهداف الحرب العدوانية، ولكنه لم يُهزم بعد، والفلسطيني صمد رغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة، ولكنه لم ينتصر بعد، وحصيلة هذا الوضع الميداني على الأرض: 1- الفشل والإخفاق الإسرائيلي، 2- الصمود الفلسطيني، انعكس مباشرة على الخيار السياسي والمشهد التفاوضي، الذي لم يكن حاسماً لصالح طرف دون الآخر، والتفاوض بقي معلقاً بعد تدخلات قادة البلدان العربية والإسلامية الذين تركوا بصماتهم على رؤية الرئيس الأميركي وقراره، مثلما ان الرئيس أسير خيارات وضعه الداخلي المحكوم لصالح المستعمرة ونفوذها.
في كل الحالات تتضح سلبية النتائج السياسية على السلطة الوطنية حيث تم تغييبها عمليا وسياسياً، من قبل الولايات المتحدة وأداتها المستعمرة الإسرائيلية، فالمواد 21 بنداً التي تشكل مبادرة ترامب لوقف إطلاق النار لم تعط السلطة القرار والرغبة بالعودة إلى ما كانت عليه في قطاع غزة قبل أن تنفذ حركة حماس قراراها بما أسمته وأطلقت عليه: " الحسم العسكري" في حزيران يونيو 2007.
مبادرة ترامب تصف غزة كما يلي وفق البنود التالية:
"1- ستكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب، ولا تشكل تهديداً لجيرانها، 2- ستتم إعادة تطوير غزة لصالح شعبها، 9- ستدار غزة من قبل حكومة انتقالية مؤقتة من التكنوقراط الفلسطيني، تتولى مسؤولية توفير الخدمات اليومية لسكان القطاع، وستشرف على اللجنة هيئة دولية جديدة تُنشئها الولايات المتحدة بالتشاور مع شركاء عرب وأوروبيين، وستنشئ اللجنة إطارا لتمويل إعادة تنمية غزة إلى حين انتهاء السلطة الفلسطينية من برنامجها الاصلاحي، 13- لن يكون لحركة "حماس" أي دور في حكم غزة على الإطلاق، وسيلتزم قادة غزة الجدد بالتعايش مع جيرانهم، 15- ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والدوليين الآخرين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة، تُنشر فورا في غزة، للإشراف على الأمن في القطاع وستُنشئ هذه القوة وتدرب قوة شرطة فلسطينية لتكون بمثابة جهاز أمن داخلي على المدى الطويل، 16 - لن تحتل إسرائيل- المستعمرة - غزة او تضمها، وسيُسلم الجيش الإسرائيلي تدريجيا الأراضي التي يحتلها حاليا، مع ترسيخ قوات الأمن البديلة سيطرتها واستقرارها في القطاع، 20- عندما تُحرز إعادة تنمية غزة تقدما ويُنفذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية، قد تتهيأ الظروف لمسار موثوق نحو الدولة الفلسطينية، وهو ما يُعترف على أنه طموح للشعب الفلسطيني، ولا يُقدم هذا البند تفصيلا بشأن برنامج الإصلاح الفلسطيني، ولا يُحدد موعدا نهائيا لمسار الدولة، 21- سترسي الولايات المتحدة حوارا بين إسرائيل -المستعمرة - والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي".
مفردات غير واضحة في دلائلها السياسية والجغرافية، حيث لا ذكر إطلاقا للضفة الفلسطينية والقدس، وتتحدث فقط عن قطاع غزة، ولا دور للسلطة الفلسطينية في الإدارة والمفاوضات، وهو كله مرهون بالمستقبل المجهول، غير الواضح، غير المرئي.