أشاد العالم كله بموافقة حاس على مبادرة الرئيس ترمب، ما سمح بتفاؤلٍ مبرر بالدخول الفعلي في مسار إنهاء الحرب على غزة.
تجاوزت حماس تحريضاً مكثفاً هدف إلى دفعها نحو رفض المبادرة، من خلال تصوير قبولها كما لو أنه استسلامٌ مهينٌ من جانبها وبداية لتصفية القضية الفلسطينية، وتكريس ما يوصف بتتويج إسرائيل على زعامة المنطقة... هكذا قيل.
موافقة حماس على مبادرة ترمب جاءت عكس ما كان يتمنى ويراهن نتنياهو، إذ وجد نفسه مضطراً لتعديل لغته المألوفة في تقويم الموقف، فلم يعد يأتي على ذكر النصر المطلق، كما أن جيشه المتكدس في غزة أعلن عن انتقاله من حالة الهجوم إلى الدفاع، هذا مختلفٌ كثيراً عن ما كان الأمر عليه قبل يومٍ واحد، حيث وزير الدفاع الإمّعة كاتس يهدد بمواصلة فتح أبواب الجحيم على غزة.
نحن ما نزال في الساعات الأولى للمسار الطويل والصعب لإنهاء الحرب، والدخول إلى مهام اليوم التالي، المفترض أن يبدأ بالشروع الفوري في إعادة الإعمار وإدخال المساعدات، وانتقال الجيش الإسرائيلي من حالة الدفاع التي أعلن عن تموضعه فيها إلى حالة الانسحاب، إذ لا لزوم لبقائه بعد أن يكون الرهائن قدا عادوا جميعاً إلى ذويهم.
الأمل تجدد بانتهاء الحرب، وهذا ما يستحق تهنئة أهل غزة عليه، وكما يقول مثلنا الشعبي المتداول في حالات التفاؤل.. " إن مطرت على بلاد بشّر بلاد"
سعادتنا بانتهاء حمام الدم الذي غرقت فيه غزة على مدى سنتين، وقبلها سنوات، لن تكتمل إلا بانتهاء كوابيس الاحتلال والاستيطان على الضفة، وهذا ما ينبغي إقناع الرئيس ترمب به، ما دام يربط ما حدث بشأن غزة بتوسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط، فقد آن الأوان لفتح ملف القضية الفلسطينية على الحل الذي أجمع العالم كله عليه، ليس فقط بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وإنما بإقامتها بالفعل.
وقف حمام الدم في غزة، خطوةٌ مباركة، وتحمل أملاً لغدٍ فلسطيني أفضل، شريطة أن يقترن بوقف حمام الاحتلال والاستيطان في الضفة.
المقدمات بدأت بطوفان الاعترافات الدولية، والخلاصات ينبغي أن لا تتوقف عند غزة، فهذه هي إرادة العالم التي صنعتها أصلاً إرادة الشعب الفلسطيني وتضحياته وتشبثه بوطنه وحريته واستقلاله.