عامان على حرب غزة .. أي حصادٍ وأيّ مآلات؟
نشر بتاريخ: 2025/10/07 (آخر تحديث: 2025/10/07 الساعة: 14:57)

يصادف اليوم السابع من أكتوبر، الذكرى الثانية للحرب على غزة، والتي ارتقى فيها عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وتضاعفت فيها أعداد المعتقلين، مع دمارٍ شاملٍ للبنى التحتية، المنشآت والمدارس والجامعات والمساجد والمصانع، والأحياء السكنية والمدن والقرى والمخيمات.

مئات آلاف من الأسر تنام في العراء، في خيامٍ باليةٍ لا تقي سكانها حر الصيف، ولا برد الشتاء، بعض هذه الأسر يعتاش من بقايا تكيات الطعام، التي باتت عنوانًا لواقعٍ مريرٍ يعيشه الغزيون رغم أنوفهم، مع طوابير طويلةٍ للحصول على المياه التي تُعدّ في معظمها غير صالحةٍ للشرب، معاناة مستمرة ومتفاقمة مع كل أمر إخلاءٍ يصدره الناطق باسم جيش الاحتلال، يجبر فيها المواطنين على النزوح إلى أماكن تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ليفاقم من آلام الناس ووجعهم.

عامان من الحرب على غزة كانت كفيلةً بتفكيك عُرى الترابط الاجتماعي، نتيجة لمسلكياتٍ لم يعرفها المواطنون من قبل، جبهة داخلية مفككة ممزقة، تُركت تصارع الجشع والطمع والاحتكار، في مشهدٍ لا تصدقه الأنفس، مع غاراتٍ لم تتوقف منذ صبيحة يوم السابع من أكتوبر 2023 وحتى هذه اللحظة.

اسرائيل وعلى مدى عامين لم تدعْ شارعًا في القطاع إلا وتركت فيه بصمة من دمار، أو قذيفة فتكت بأجساد وأرواح أبرياء كانوا قد عاشوا على أملٍ وحلم.

عامان وأمريكا ومعها الكثير من دول الغرب ساندت إسرائيل في حربها ضد غزة الفقيرة المعدمة المحاصرة، غزة التي لا تمتلك طائراتٍ ولا دباباتٍ ولا غيرها من أسلحة الحرب، غزة التي ذُبحت مع كل فيتو أمريكي في مواجهة كل محاولةٍ لوقف آلة الموت والدمار، لتستعر الحرب من جديد على وقع ضوء أخضر من ساكني البيت الأبيض.

غزة قُصفت بحوالي "100 ألف" طنًا من المتفجرات عقاباً لها بسبب ما أسمته إسرائيل عدوان "همجي" على بلداتها صبيحة يوم السابع من أكتوبر، أدى إلى أسر ومقتل المئات من الاسرائيليين.

ما الذي حققته حماس من هجومها يوم السابع من أكتوبر، وهل المكاسب "إن وجدت" تعادل حجم التضحيات التي دفعها المواطنون الغزيون؟.

بحسب قائد أركان كتائب القسام، محمد الضيف، فإن عملية (طوفان الاقصى) كانت تهدف إلى:

1. الردّ على الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، والاعتداءات المتكررة على المصلين، كما جاء في كلمته صبيحة السابع من أكتوبر، فقد أراد أن يوصل رسالة لحكومة الاحتلال أن المسجد الاقصى خط أحمر لن يتم السكوت على أي انتهاك فيه بعد اليوم.

2. وضع حدٍّ للاحتلال والحصار المفروض على غزة، حيث وصف "الضيف" العملية بأنها: "المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على وجه الأرض".

3. إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، حيث كان أحد أهداف عملية طوفان الاقصى اختطاف جنود إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين يقضون أحكامًا عاليةً في سجون الاحتلال.

4. توحيد الجبهات الفلسطينية، حيث دعت حركة حماس في خطابها جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل المحتل للمشاركة في القتال، بهدف إشعال انتفاضةٍ شاملةٍ تُربك السيطرة الإسرائيلية على الأرض وتعيد توحيد الميدان الفلسطيني خلف المقاومة.

5. إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم، ومنع التطبيع مع إسرائيل.

بنظرةٍ موضوعيةٍ إلى ما آلت إليه الأمور في القطاع، يمكن القول بأن أيًا من الأهداف التي وضعتها حماس لم تتحقق، باستثناء نجاحها في الإفراج عن دفعةٍ من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال في صفقة التبادل (يناير 2025).

أما عن باقي الأهداف فهي لم تتحقق بفعل العدوان الوحشي على قطاع غزة، وما تلاه من تدميرٍ لكل مناحي الحياة، خلال فترة الحرب زادت حدة الاعتداءات على المسجد الأقصى، وبات أمر الاقتحام اعتياديًا لدى المستوطنين، وعلى العكس تماماً فبدل أن تكون هذه المعركة معركة التحرير قامت اسرائيل باحتلال أكثر من 80‎% من مساحة القطاع، وتم حشر المواطنين الغزيين في مناطق ضيقةٍ بمحاذاة ساحل البحر في محافظتي خانيونس والوسطى، وعن توحيد الجبهات الفلسطينية غزة لم تجد من يناصرها من أبناء جلدتها من أهالي القدس والضفة والداخل، غزة تُركت وحيدة في مرمى النيران والقتل، وعن هدف إعادة القضية الفلسطينية للصدارة وإن يكن أصبح هناك تعاطف دولي مع المدنيين الفلسطينيين إلا أن الأمر كان مختلفًا مع تنظيم حماس حيث تم وصمه بالارهاب، وجاءت مطالبات بضرورة القضاء عليه وتحييد أي دورٍ مستقبليٍ للتنظيم في حكم غزة.

ربما أخطأت حماس التقدير بقدرتها على مواجهة ترسانة اسرائيل العسكرية، وأغفلت بأن هناك منظومة عالمية تدعمها وأنها لن تسمح بأن تُهزم، سوء التقدير أوصلنا لما نحن فيه، نستجدي تدخل كل العالم من أجل وقف الحرب وإدخال الغذاء والدواء والمساعدات إلى القطاع المدمر.

لا أعلم لو قُدر للزمن أن يعود إلى يوم السادس من أكتوبر بعد هذه المشاهد المأساوية، فهل ستفعلها حماس وتقوم بما فعلته صبيحة اليوم التالي؟.