من المبكر الحديث عن وصول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حماس واسرائيل إلى محطته النهائية، والتي يتوقع منها أن تضع حدًا لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، برغم أن الإعلان عن الاتفاق جاء من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترَمب، الداعم الأكبر لاسرائيل وحليفها الاستراتيجي، ورغم كل ما قيل عن أن بنود الاتفاق جاءت متطابقة مع الرؤية الاسرائيلية، بل إن البعض كان على يقين أن بعض بنود اتفاق ال (20) جاءت بصياغة نتنياهو نفسه وتلبي شروطه الخمسة لوقف إطلاق النار في غزة المتمثلة في:
١. الإفراج عن الأسرى الاسرائيليين
٢. نزع سلاح حماس
٣. نزع سلاح غزة
٤. السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة
٥. إقامة إدارة تحكم غزة ليست من حماس وليست من فتح.
الملاحظ: أن إعلان الرئيس ترامب جاء بصيغة مغايرة لإعلان حركة حماس، حيث أن ترَمب يتحدث عن المرحلة الأولى للخطة، وبحسب ما جاء في الاعلان "إطلاق سراح جميع الرهائن، وسحب اسرائيل قواتها إلى خطوط متفق عليها، كخطوة أولى نحو سلام قوي ودائم"، حماس في إعلانها قالت بأن الاتفاق يعني إنهاء الحرب، وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة، بالإضافة لدخول المساعدات، وتبادل الأسرى، لذا تم الحديث عن أن الإفراج عن الجثث سيكون على مراحل، بسبب وجود عدد منها في مناطق تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي.
يبدو أن هناك بعض التفاصيل لم تحسم بعد فيما يتعلق بمسألتي انسحاب الجيش، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وربما تكون المسألة الأهم في الوقت الراهن أن هناك فيتو اسرائيلي على بعض الأسماء (مروان البرغوثي، أحمد سعدات، عبد الله البرغوثي، ابراهيم حامد، حسن سلامة)، رغم إصرار حماس على ضرورة الإفراج عنهم.
المتحدثة باسم مكتب نتنياهو أكدت أنه لن يتم الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي ضمن صفقة التبادل، وربما هذا ينسحب على سعدات وغيره من الأسرى، على أية حال فإن الوفد الاسرائيلي عاد إلى تل أبيب بمعنى أن المسودة النهائية باتت جاهزة للتوقيع، وتنتظر اجتماع الحكومة الإسرائيلية لإقرارها، ومن ثم الاعلان عن وقف إطلاق النار إيذانًا ببدء التنفيذ.
واضح أن إعلان المتحدث باسم مكتب نتنياهو لم يأتِ من فراغ، خاصة في ظل إعلان كل من سموتريتش وين غفير بأنهما لن يصوتا لصالح صفقة التبادل.
المؤسسة الأمنية في اسرائيل قامت خلال الساعات الماضية بإعداد قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين المنوي الإفراج عنهم في إطار الصفقة، وستقوم بنشر هذه الأسماء للجمهور بعد المصادقة عليها من قبل "الكابينت" وبعد مصادقة الحكومة في وقت لاحق، وقد أوضحت المؤسسة الأمنية أن عملية اختيار الأسماء تمت بين بدائل صعبة ومعقدة، في ظل وجود عدد من الخطوط الحمراء التي وضعتها اسرائيل، حيث تم فرض فيتو على بعض الأسرى، سيما أولئك الذين تعتبرهم اسرائيل رموزًا.
بتقديرنا إذا ما أصرت حكومة نتنياهو على عدم الإفراج عن البرغوثي وسعدات وغيرهم من رموز الحركة الأسيرة؛ فإن هذا الإصرار يضع حماس في موقف لا تحسد عليه، والتي طالما تحدثت عن إصرارها على الإفراج عنهم، وربما كان التعبير الأوضح ما نُقل على لسان القيادي في حماس أسامة حمدان "تم ادراج أسماء الأسرى القادة جميعًا في قائمة المطلوب الإفراج عنهم".
وأنه "لن يجري تبادل الأسرى إلا إذا أعلن عن اتفاق يُفضي إلى إنهاء الحرب".
بين تصريحات المتحدثة باسم حكومة نتنياهو وتصريحات القيادي أسامة حمدان بونٌ شاسع، إن لم يتدارك الوسطاء الأمر، ويقوموا بالضغط على نتنياهو من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، فإننا ربما نكون أمام تصعيد اسرائيلي، خاصة أن الغارات الاسرائيلية على القطاع لم تتوقف حتى في ظل الإعلان عن التوصل إلى اتفاق.