صدرت قبل أيام عن دار أرفلون للطباعة والنشر في القاهرة, ثلاث روايات للكاتب الفلسطيني المعروف, رجب عطا الطيب أبو سرية, "عمارة صهيون", "أولاد الجرو" و "دي إن إيه", تتناول الراويات الثلاث الموضوع الفلسطيني من زوايا مختلفة, وبرؤى متعددة, وفيما تدور احداث روايتي "عمارة صهيون" و "أولاد الجرو" في مدينة غزة, ويكون فضاء الأولى البلدة القديمة أو ما يسمى بوسط البلد, فيما فضاء "أولاد الجرو" ينطلق من حي الشجاعية ليمتد مرافقا لبطلي الرواية بين مدن فلسطين كافة, وكذلك العالم الخارجي, أما رواية "دي إن إيه" فإنها تنطلق من قرية ما من قرى الضفة الغربية لتكشف عن الصراع على الأرض بين الفلاحين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة, خاصة في موسم قطف الزيتون, الى العالم الخارجي, حيث يتداخل الشرق والغرب في شمال شرق أوروبا, ليجد بطل الرواية بنشأته المحافظة الشرقة ودها لوجه مع عالم خارجي منفتح على غاربه, فيبدأ الصراع الداخلي الى ان ينفلت من بين يديه.
"عمارة صهيون" تقدم صورة عن صراع الأخوة الأعداء الذين اجتمعوا على مواجهة الاحتلال, وتفرقوا حول السلطة, وتقدم في نفس الوقت صورة عن التاريخ الممتد منذ آلاف السنين لمدينة غزة, الى ما قبل تدميرها في حرب الابادة الأخيرة, لتكشف عما هو مسكوت عنه, ولتخلص بالنتيجة الى انه في الوقت الذي يتوجب فيه مواصلة الكفاح ضد الأحتلال ومن أجل الحرية والأستقلال, فإنه لا بد من مواجهة الخلافات الداخلية وفق سياق ديمقراطي يؤمن بالتعدد والتكامل, أما "أولاد الجرو" وهي الرواية التي تستند الى ثنائية البطولة, فإنها تؤكد على أهمية البقاء في الوطن, وعدم هجرته لأي سبب كان, وأن التشبث بترابه يجعل من الفلسطيني أسطورة حية, ويكون بإمكانه ان يصنع معجزة التحرر والانعتاق من الاحتلال.
يبقى أن نقول أخيرا, بأن الروايات الثلاث, تتداخل ليس فقط في مناخاتها, ولا تتقاطع في موضوعها الفلسطيني وحسب, بل كذلك تتشابه في أسلوبها السردي, الذي بات ميزة خاصة للراوئي الفلسطيني المخضرم, وهو السهل الممتنع, البعيد كل البعد عن التعقيد والأستعراض اللغوي أو المعرفي, بما يوفر قراءة ممتعة وشبقة للقاريء, هذا وجدير بالذكر بأن هذه الروايات الثلاث ستشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته 56, التي ستقام في يناير العام القادم, جنبا الى جنب مع رواية "الدونا جوانا" والتي صدرت للمؤلف في وقت سابق من هذا العام, عن الدار ذاتها "أرفلون", وكذلك مع رواية "مقبرة الأحياء" التي صدرت قبل عامين, وكانت ضيفة المعرض خلال نسختيه السابقتين في طبعتين متتاليتين.
هذا وقد بدأ الكاتب مشروعه الروائي برواية "دائرة الموت" عام 1991 والتي فازت حينها بجائزة سعاد الصباح الأولى, وسبق له ان نشر سبع روايات, وست مجموعات قصصية وثماني مسرحيات واربعة دواوين شعرية, ولديه مخطوطا روايتين لم تنشرا بعد, اضافة الى عدد من الكتب النقدية والدراسات الثقافية المتوعة, وكذلك ألاف المقالات الصحفية, وهو معروف جيدا في فلسطين والأردن, سوريا ومصر, وفي الفضاء الأزرق, حيث أن كتبه منشورة فيما يقارب العشرين موقعا لتحميل الكتب المجانية, أهمها موقع "كتوباتي" الذي يشنر له 17 كتابا, وموقع مجلة الكتب العربية حيث تتقدم ثلاث من رواياته كم التحميل بما يزيد عن ربع مليون مرة تحميل وقراءة.
كما سبق وان ترجمت بعض كتبه للانجليزية, فيما كانت رواياته موضوعات لاعداد رسائل الدراسات العليا في عدد من الجامعات العربية, وقد سبق وأن طبعت ونشرت له نحو 18 دارا للنشر بعض كتبه, وكان منها دار الكلمة بغزة التي طبعت اعماله الكاملة في مجلدات ما بين عامي 2020_2022.