واشنطن – حذر تقرير أمريكي من أن حجم الدمار البيئي في قطاع غزة بلغ مستويات غير مسبوقة، واصفًا الوضع البيئي هناك بأنه “كارثة تمتد لأجيال” نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عامين.
ووفق التقرير الذي نشره موقع "كاونتر بنش" الأمريكي، فإن العدوان خلّف ما بين 50 إلى 61 مليون طن من الأنقاض، تحتوي على مواد خطرة مثل الأسبستوس والذخائر غير المنفجرة وبقايا بشرية، مشيرًا إلى أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة قدّر أن إزالة هذه الأنقاض قد تستغرق أكثر من 14 عامًا وتشكل خطرًا كبيرًا على المياه الجوفية والتربة في القطاع.
أزمة مياه وصرف صحي
وبيّن التقرير أن تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي أدى إلى أزمة إنسانية وبيئية خانقة، إذ تعطلت نحو 85% من مرافق المياه، ما أدى إلى تصريف أكثر من 100 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة يوميًا في البحر الأبيض المتوسط، مسببًا تلوثًا واسعًا للساحل والمياه الجوفية.
وأشار إلى أن أكثر من 90% من مياه غزة لم تعد صالحة للشرب، وهو ما يزيد من تفشي الأمراض المنقولة بالمياه ويهدد الصحة العامة بشكل خطير.
تدمير الغطاء الأخضر والزراعة
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية، بحسب التقرير، أن العدوان دمّر أو ألحق أضرارًا بنحو 80% من الغطاء الشجري في غزة، بما في ذلك آلاف أشجار الزيتون، إضافة إلى تدمير أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية.
وأوضح الموقع أن هذا التدمير الممنهج قوّض الأمن الغذائي في القطاع وجرّد الأرض من دفاعاتها الطبيعية ضد التصحر، في حين تُظهر التحليلات أن التكلفة المناخية للعدوان “باهظة للغاية”.
بصمة كربونية تتجاوز دولًا كاملة
ونقل التقرير عن دراسة نُشرت بالتعاون مع صحيفة "الغارديان" أن البصمة الكربونية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على غزة خلال أول 15 شهرًا، بما في ذلك إعادة الإعمار المستقبلية، قد تتجاوز 31 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون — أي أكثر من الانبعاثات السنوية لعدة دول.
"إبادة بيئية"
وأكد التقرير أن ما يجري في غزة ليس مجرد "ضرر جانبي"، بل شكل من أشكال الإبادة البيئية التي “تقوّض أسس الحياة والتعافي”، مشيرًا إلى أن التلوث واسع النطاق سيؤثر على الأرض والهواء والمياه لأجيال قادمة.
إعادة إعمار شاقة وتكلفة هائلة
وذكر أن تقييمًا مشتركًا للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قدّر تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 53.2 مليار دولار خلال العقد المقبل، جزء كبير منها سيُخصّص لإصلاح أنظمة المياه والصرف الصحي والتعافي البيئي.
ونقل التقرير عن أحد الخبراء قوله:
"لقد دُفعت بيئة غزة إلى حدٍّ لم تعد قادرة على دعم الحياة".
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن ما تشهده غزة والمنطقة عمومًا يمثل أزمة انهيار بيئي صامتة وممتدة عبر الأجيال، ستستمر تداعياتها طويلًا بعد توقف العدوان، وفق ما تظهره بيانات الأمم المتحدة والدراسات العلمية الحديثة.