بعد أسبوع من الكارثة.. الآمال تتضاءل في العثور على ناجين في درنة الليبية
نشر بتاريخ: 2023/09/16 (آخر تحديث: 2025/09/29 الساعة: 01:04)

مع مرور الوقت تتضاءل الآمال في العثور على أحياء في درنة، في شرق ليبيا، بعد أسبوع على فيضانات عنيفة اجتاحت المدينة وتسببت بمقتل آلاف الأشخاص.

وتسببت العاصفة «دانيال» التي ضربت شرق ليبيا، الأحد الماضي، وهطول الأمطار الغزيرة بكميات هائلة، في انهيار سدّين في درنة، ما تسبّب بتدفّق المياه بقوة في مجرى نهر يكون عادة جافا.

وجرفت السيول أجزاء من المدينة بأبنيتها وبناها التحتية.

وتدفقت المياه بارتفاع أمتار عدة، وحطمت الجسور التي تربط شرق المدينة بغربها.

وقال أحد مصوري وكالة «فرانس برس»:  "أن المياه الجارفة خلفت وراءها مشهد دمار، ويبدو كما لو أن زلزالا قويا ضرب جزءا كبيرا من المدينة".

وقبل الكارثة، كانت عدد سكان المدينة 100 ألف نسمة.

وتتضارب التقارير حول أعداد الضحايا في ظل صعوبة الوصول والاتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا، حتى قبل الكارثة.

وضع فوضوي

وقالت إيمان الطرابلسي، المتحدث الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في تصريحات خاصة: "إن عدد ضحايا عاصفة دانيال في ليبيا تجاوز 11 ألف وفاة، ونحو 10 آلاف مفقود".

وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص في الشرق الليبي، بينهم 30 ألفا من درنة، فيما قالت الأمم المتحدة إن «ما لا يقلّ عن عشرة آلاف شخص» ما زالوا في عداد المفقودين.

ووصفت المنسقة الطبية لفريق من منظمة «أطباء بلا حدود»، مانويل كارتون، الوضع في درنة بأنه «فوضوي» ويمنع سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم.

وأكدت على أن غالبية  الجثث دفنت.. في مدافن وفي مقابر جماعية»، والكثير من هؤلاء «لم تحدد هويتهم خصوصا أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر.

وأوضحت: "الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فورا»، بحسب فرانس برس".

الانقسامات «تعيق» الإغاثة

كذلك، يعيق الوضع السياسي في ليبيا عمليات الإغاثة.

فليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب الليبي.

ودعت الدبلوماسية الأميركية، ستيفاني وليامز، وهي ممثلة الأمم المتحدة السابقة في ليبيا، إلى تدخل دولي عاجل.

وكتبت عبر منصة إكس (تويتر سابقا): «الواجب الأخلاقي.. (العسكري) في 2011 يجب أن يوجه تحرك الأسرة الدولية إثر الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا وتسببت بمقتل آلاف الليبيين الابرياء، والأجانب».

ودعت إلى إنشاء «آلية مشتركة وطنية ودولية للإشراف على أموال» المساعدة، حاملة على الطبقة السياسية الليبية الضارية التي تميل إلى استخدام «حجة السيادة» لتوجيه عمليات المساعدة «بحسب مصالحها».

ومع استمرار الجهود الدؤوبة من قبل فرق الإنقاذ والإغاثة في ليبيا للتعامل مع ما خلفته العاصفة «دانيال»، وجهت سهام النقد إلى بعض تلك الجهود إلى حد وصفها بالفوضى التي قد تعرقل ولا تفيد في مواجهة الكارثة.

ويرى وزير الطيران المدني في الحكومة المكلفة من البرلمان، أن أهم الصعوبات في المناطق المنكوبة هي قلة فرق الإنقاذ، حيث قال: "إن المتوافر حاليا لا يمكن أن يغطي كل المناطق التي ضربتها السيول".

وجاءت تلك التصريحات لتؤكد ما أعلنه مبعوث الأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، عن أن حجم الخسائر جراء العاصفة العاتية يفوق ما يمكن تخيله ولا تستطيع ليبيا بمفردها مواجهته أو تحمله.

مساعدات غير كافية

وأفاد أن من درنة أن فرق الإنقاذ تعمل بشكل مكثف، سواء لانتشال الجثث أو لإخراج العالقين، إلا أن هناك نقص في أعداد فرق الإنقاذ، مشيراً إلى أن هناك مدن حتى الآن لم تدخلها فرق الإنقاذ كـ البياضة والوردية، وتوجد بها جهود إغاثية بسيطة مقارنة بمدينة درنة، الأكثر تضررا من الكارثة.

وبحسب أحدث إحصاءات منظمة الهجرة الدولية، فإن عدد النازحين بمناطق شرق ليبيا تجاوز 38 ألفاً، في وقت أشارت فيه المنظمة إلى نقصً حادً في مياه الشرب بمدينة درنة، بالإضافة إلى شح في الوقود، ومحدودية شبكة الاتصالات رغم عودتها لبعض المناطق وما بين المخاوف من عدم التنسيق بين فرق الإنقاذ، والشكوى من قلتها وفقا للمطلوب.

«حاجات الإعمار هائلة»

وقال الناطق باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي مساء الجمعة في مدينة بنغازي: "إن حاجات الإعمار هائلة".

وفي تصريحات لها، أكد المسماري أن العثور على ناجين من الكارثة أصبح أمرا صعبا للغاية»، مشيرا إلى أن ليبيا تتعرض لأول مرة في تاريخها لمثل هذه الكارثة. وبشأن الخسائر التي خلفتها العاصفة دانيال، قال المسماري: «لم يتم حتى الآن حصر الخسائر المادية والبشرية للكارثة، لكنها ستكون مفزعة للغاية.

وطلبت عريضة عبر الإنترنت جمعت أكثر من ألفي توقيع في غضون 24 ساعة مساعدة الأسرة الدولية وتشكيل “لجنة تحقيق دولية ومستقلة” لتبيان ملابسات الكارثة وتحديد المسؤولين بغية محاكمتهم.