بعدما كشفت مجموعة من أهل الخليل برئاسة وديع الجعبري، في بداية شهر يوليو 2025، عن توجههم لتشكيل "إمارة الخليل" حاولت الرسمية الفلسطينية وقوى أخرى، الاستخفاف بما حدث، بين تجاهل غريب أو تصريحات غبية، فيما توقف وزير خارجية روسيا لافرف دون غيره من المسوؤلين أمام مخاطر ذلك المخطط، الذي يستهدف الوجود الكياني الفلسطيني ومستقبل دولة فلسطين.
أيام قليلة، ووسط حرب التهويد التي تسير بـ"سلاسة نادرة"، وعلى وقع غرق الجميع في ملاحقة أرقام حرب الإبادة في قطاع غزة، قررت حكومة دولة الفاشية اليهودية القفز خطوة كبيرة بـ "مصادرة الحرم الإبراهيمي" ونقل السيطرة عليه من بلدية الخليل كما كان الاتفاق القديم، ألى سلطة "المجلس الديني اليهودي" في مستوطنة "كريات أربع".
مصادرة "الحرم الإبراهيمي" ووضعه تحت سيطرة مستوطنة "كريات أربع"، هي رسالة لا تقبل تفسيرا ولا تأويلا، أن تهويد قلب المدينة ومقدسها بدأ، بعدما تم قياس ردود فعل على خطوة كان لها في زمن سابق أن تحدث "أنفجارا مدويا"، ليس في الخليل وفلسطين فقط، بل في بلدان محيطة، لما بها مساس بقدسية مكان ديني، له رمزية خاصة، لكنها أدركت يقينا أن فعل الفعل لن يكون له فعل.
عندما قام الإرهابي الراحل شارون بالعمل على تنفيذ مخطط رئيس حكومة دولة الكيان يهودا بارك بعدما رفض الخالد تهويد البراق والجدار في قمة كمب ديفيد، واقتحم المسجد الأقصى يوم 28 سبتمبر 2000، انفجر المتواجدون داحل الحرم، دفاعا عن "مقدسهم الديني والتاريخي والوطني"، لم ينتظروا قرارا من الخالد ياسر عرفات ولا من المؤسسة الرسمية، ومنها بدأت المواجهة الكبرى التي استمرت 4 سنوات.
قرار حكومة دولة الفاشية اليهودية، تعزيز مباشر لخطة الثنائي "سموتريتش" وبن غفير لاستكمال بناء نظام "الفصل العنصري اليهودي" في الضفة والقدس، على طريق التمهيد لرسم حدود "الإمارات الفلسطينية غير المتحدة"، والتي أطلت برأسها من مجموعة الجعبري بالإماراة الخليلية، خاصة وأن كل ما كان ضدها بيانات خجولة جدا، وحرق سيارة مطلقها، ما كشف غياب قدرة المواجهة.
ربما تعتبر بعض الأطراف الفلسطينية وغيرها، عربيا، أن مصادرة الحرم الإبراهيمي لا تقارن بأي عمل يمس مكانة الحرم القدسي، نظرا لما له من مكانة خاصة جدا، بل ووجود "تفاهمات" أردنية أمريكية منذ عام 2017 حول الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس، لكن الوقائع المتلاحقة كشفت أن تكل التفاهمات لا قيمة لها، بل يتم انتهاكها بشكل متلاحق، دون أن يكون هناك موقف واحد حقيقي، سوى بيانات التحذير والوعيد التي لم ير واحدا منها نورا سياسيا.
مصادرة "الحرم الإبراهيمي" لو مرت كما غيرها، فالوقت لن يتاخر حتى تبدأ تظهر للواقع كل "مخاوف" الخالد المؤسس ياسر عرفات من رفض المساس بسيادة البراق، والتي حاول البعض المنحدر وطنيا التشكيك بها، خدمة لمخطط التهويد المستحدث، ومعها تبدأ اطلاق عملية بناء "الهيكل" التي سبق لهم نشرها، واحتفلوا بها بمشاركة أمريكية دون أدنى اعتراض.
بعد مصادرة الحرم الإبراهيمي..الهروب لن ينفع والصمت لن ينفع و"الواقعية الاستسلامية" لن تنفع..إما المواجهة دفاعا عن بقايا "المقدسات الوطنية والدينية التاريخية"..أو خروجا مذلا وإن تأخر لكنه قادم يوما لا محالة.