واقع يشبه عاهرة في أحضان سمسار
نشر بتاريخ: 2025/07/20 (آخر تحديث: 2025/07/20 الساعة: 22:07)

نكتب بشكل واضح ومباشر وصريح لأن الواقع الإنساني المأساوي في قطاع غزة بسبب الحرب المستمرة والعدوان المتواصل، وبسبب إغلاق المعابر وتشديد الحصار الإسرائيلي للشهر الرابع على التوالي ، وبسبب الانقسام السياسي الذي مازال مستمرا لأكثر من 17 عاما ، وبسبب اختلاف الساسة والمسؤولين ومن يدعون أنهم صناع القرار الفلسطيني، وبسبب ترك المواطنين في قطاع غزة يواجهون مصيرهم في الموت قصفا وجوعا وعطشا ومرضا ، وبسبب المئات من الحالات الإنسانية التي على مشارف الموت جوعا ، اخترنا عنوان المقال بعناية ودقة، فأعلم جيدا أنه العنوان الأكثر جرأة ، ومن الممكن أن يكون العنوان الأكثر وقاحة حسب وجهة نظر بعض القارئين ، ولكن الكاتب الإنساني والوطني لا يهمه الآراء السلبية ولا يتباهى في الآراء الإيجابية، لأن التواضع من شيم المثقفين والكتاب والأدباء، فلهذا كتبت... واقع يشبه عاهرة في أحضان سمسار !؟

لا يخفى على أحد بالبرهان والدليل أن الواقع الإنساني المأساوي الحالي في قطاع غزة، وفي ظل استمرار الحرب وتشديد الحصار وإغلاق المعابر وعدم إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، أصبح واقعا يكفر به كل المواطنين، الذين فقدوا الثقة والانتماء بكافة القيم على مختلف توجهاتها ، لأن اليوم الأطفال تنام وتصحو جوعى وصراخهم و قرقعة أمعائهم يملأ الكون صخبا وبكاء لعدم وجود رغيف الخبز وغلاء الأسعار الفاحش وحالة الاستغلال من الباعة والتجار ، وأضف إلى ذلك عدم توفر السلع الغذائية الأساسية وعدم توفر مياه الشرب ، وعدم وجود كهرباء وماء ، وكذلك أنين المرضى وكبار السن من اقتراب الموت جوعا ومرضا دون غذاء أو دواء ، وأضف إلى ذلك صراخ الأطفال حديثي الولادة بسبب عدم توفر الحليب الصناعي وجفاف حليب الأمهات من الجوع والحرمان من الأكل والشرب.

وفي المقابل أيضا النازحون الذين مازالوا يفترشون الأرض و يلتحقون السماء و يتطلعون للسماء بعيون الرجاء والأمل وهم ينشادون ويتضرعون في صيف حارق عبر السكن في خيام مهترئة وبالية ، وسط حالة الدمار النفسي الشديد الذي أصبح عنوانا لكافة سكان قطاع غزة.

وأيضا حالة الاستغلال وغلاء الأسعار من الباعة والتجار ، وسرقة وسلب ونهب المساعدات الإنسانية والإغاثية القليلة والحدودة التي تدخل للمواطنين ولكن تواجه بسرقة من قطاع الطرق واللصوص وسارقي قوت الأطفال وبيعها في السوق السوداء بأسعار فلكية لا يتخيلها العقل البشري، وليس بمقدور أي مواطن شرائها.

وأما الجانب المهم والأكثر أهمية وهو الواقع السياسي العقيم الذي يعيشه سكان قطاع غزة بعدما تخلى عنه مدعو السياسة الكاذبة والمسؤولون وصناع القرار الوهميون ، الذين اعتلوا المشهد السياسي عنوة وبقوة وأصبحوا سيوفا مسلطة على رقاب المواطنين العزل الأبرياء، الذين يتطلعون لمستقبل وطن أفضل ويحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا.

الواقع العام في الشأن الفلسطيني السياسي والإنساني هو التشبيه الدقيق الذي هو خارج الصندوق بالوصف الذي يشبه العاهرة التي ترتمي في أحضان السمسار ، السمسار الذي يتاجر بها لكي تعيش عالمه وتكون أكثر جرأة في الوقاحة والابتذال.

من أجل تغيير هذا الواقع الفلسطيني، يجب على شعبنا بعد انتهاء الحرب فورا أن يأخذ على عاتقه المطالبة العاجلة في بناء نظام سياسي جديد، يقوم على احترام الإنسان وكرامته سياسيا وإنسانيا ، وأن يقف كالصخرة في وجه كل من يحاول النيل من كرامته والمساس بكافة حقوقه المشروعة من أجل بناء مستقبل وطن.