طوفان غضب عالمي ضد "تجويع غزة"..ماذا بعد؟!
نشر بتاريخ: 2025/07/23 (آخر تحديث: 2025/07/24 الساعة: 00:23)

خلال 48 ساعة شهدت المنظومة الكونية من أقصاها إلى أقصاها ما يمكن اعتباره "طوفان غضب عالمي"، ضد التجويع العام الذي تفرضه دولة الفاشية اليهودية على قطاع غزة، شملت دولا ومؤسسات وشخصيات منها هو أكثر المؤيدن لتلك الدولة، حتى الرئيس الأمريكي الحامي المطلق له أصابها "حزن" مما رأى، تبعها حالة صحيان رسمية عربية وبعض "إسلامية".

"طوفان الغضب العالمي"، الذي حدث في زمن قياسي وتوقيت غريب نسبيا، لا يجب الاستخفاف به، اي كانت النتائج، كونه يعزز الرواية الفلسطينية في المعركة القادمة حول الوجود الكياني والهوية في اليوم التالي لحرب غزة، طوفان يبدو كأنه إنساني، لكنه يعكس في جوهره موقف فكري سياسي من دولة تعيد صناعة النازية بأساليب حديثة، تبدو وكأنها جزء من "الذكاء الاصطناعي"، لا يصدقها من يراها، اعتبرها بعض وزراء الغرب بأنها مشاهد تثير "القرف والاشمئزاز".

قد يتساءل البعض لماذا تأخر "طوفان الغضب العالمي" جدا، وكأن ما كان خلال 21 شهرا من حرب إبادة لم يكن كافيا لهم، فذلك ارتبط بمحاولة الغرب الأوروبي بضغط أمريكي وتزوير رواية، وحماقة حماس، اعتبروا أن ما كان وكأنه فعل ورد فعل، وليس حدث وحرب إبادة وتطهير عرقي.

تأخر "طوفان الغضب العالمي"، ارتبط بغياب رواية فلسطينية موحدة، وانفراد حركة حماس بتصدير روايتها التي تدينها، بل ووضعت جزء من قيادتها للمطاردة أمام الجنائية الدولية، فيما بدأت دول عدة تعتبرها حركة إرهابية، وهو ما ألحق ضررا نسبيا في مواجهة رواية النازية المعاصرة، وجاء مشهد أطفال غزة ليعيد تصويب رواية دخلت في نفق تيه تضليلي.

بالتاكيد ساعد كثيرا في غياب ذلك الغضب العالمي، الموقف الرسمي العربي، والذي كان منحصرا في بيانات خالية من كل بعد وفعل، بل ان دول خليجية قدمت مكافأة استثمارية مالية "خرافية" لرئيس الولايات المتحدة خلال زيارته لها، وهو الشريك المركزي في حرب الإبادة والتطهير.

وكي لا يصبح "طوفان الغضب العالمي" هبة انفعالية ببعد إنساني، جاء تحت وطأة مشاهد غير مألوفة لقيادات تلك الدول، لا بد من التفكير العملي نحو تحويلها لقوة ضغط أشمل من "الانفعالية"، عبر آليات متعددة، تدرك معها دولة النازية المعاصرة، أن الحساب السياسي ليس بعيدا، من خلال اعادة الاعتبار بأن لغة المصالح هي الفصل الحقيقي في ترسيخ "البعد الإنساني" ليكون سيفا سياسيا، وهناك كثيرا من عناصرها يمكن استخدامها دون "صدام" مع الولايات المتحدة لدول لا تسطيع أن تخرج من عباءة الارتعاش التقليدي منها.

هناك أدوات قوة هائلة لدى البعض العربي، لو أريد استخدامها لتغير مشهد التجويع والإبادة رأسا على عقب..ولكن الحديث بها أصبح كمن ينفخ في بوق مخروم، وكل ما بات "أمنية" أن تعيد تلك الدول تعبير "دولة معادية" في وسائل إعلامها، الذي لا يتوقف عن بث رواية الفاشية موازيا للرواية الفلسطينية، وتضع قيود على حملة جواز سفرها بدلا من وضعها على "الفلسطيني"، وتسترشد بدول وتضع قائمة بأسماء ممنوعة من الدخول، خطوات لا تثقل كاهلها ولا تربكها مع الرئيس ترامب.

من المهم جدا، استغلال حالة "طوفان الغضب العالمي" لتفعيل عناصر "إعلان بوغوتا" وتحريك المطادرة الساخنة للمطلوب الإرهابي الأول نتنياهو في الجنائية الدولية، مع تحديث كامل المعلومات عما كان من إبادة مضافا لها "حرب التجويع"، التي لا يمكن تبريرها كما برروا عمليات القتل الجماعي.

الحراك الدولي هو جزء من مهام الرسمية الفلسطينية وممثلي دولة فلسطين في مختلف المؤسسات والمنظمات، فهي، وليس المنظمة المطلوبة للعدالة الوطنية حماس، من عليه القيام بتجهيز ملف شامل حول حرب التجويع، لتكون ملفا مضافا مختلفا عما لدى المحكمة الجنائية، ولديها ما يكفي لمحاكمة كل مؤسسات دولة الكيان حكومة وأمن وجيش وغالبية أعضاء الكنيست.

لا يجب أن تمر حالة "طوفان الغضب العالمي" ضد حرب تجويع فرضتها النازية المعاصرة، وكأنها حالة انفعالية تنتهي بدخول عدد مضاف من سيارات المساعدات "الإنسانية"، وهنا معركة أخرى.

"حرب التجويع" مبدأ أختراعي من دولة النازية المعاصرة يجب مطاردتها بالتوازي مع حرب التطهير العرقي والإبادة الجماعية.