نشر بتاريخ: 2025/08/25 ( آخر تحديث: 2025/08/25 الساعة: 11:43 )
رجا طلب

اسرائيل المنبوذة ... وهندسة تزييف الوعي !!

نشر بتاريخ: 2025/08/25 (آخر تحديث: 2025/08/25 الساعة: 11:43)

الكوفية منذ اعلان وعد بلفور المشؤوم عام 1917 مرورا بالعقود التى تلته حتى قيام دولة الاحتلال عام 1948 اسست اسرائيل لسردية قائمة على خرافات تلمودية تتحدث عن ارض الميعاد ارض الاباء والاجداد ، واليهودية النقية والعرق السامي ولاحقا تم استحداث مصطلح معاداة السامية وكراهية اليهود و جرى اختراع " الشعب اليهودي " ( كتاب مهم للكاتب الاسرائيلي شلومو ساند ) ، كما جرى اختراع دولة " اسرائيل " اي دولة يعقوب والتى مُنحت القابا زائفة مثل " الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط " وصاحبة الجيش الاكثر اخلاقية في العالم .

طوال الفترة التى اعقبت حرب حزيران وحرب اكتوبر ورغم الحروب الكثيرة التى شنتها اسرائيل على لبنان والتى بلغت ذروتها في احتلال بيروت عام 1982 ومجازر مخيمي صبرا وشاتيلا وما اعقبها من حروب شبه موسمية ضد لبنان صمدت صورة اسرائيل امام العالم " كبلد ديمقراطي ومتحضر" رغم كل فضائعها كقوة احتلال همجية .

واذا اردنا " التأريخ " لبداية فعلية لبدء اكتشاف العالم الغربي او ما يسمى بالعالم " الحر" لزييف الدعاية الاسرائيلية فيمكنني القول ان الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 التى سميت " بثورة الحجارة " ولقطات تكسير جيش الاحتلال لايادي وارجل الشبان المنتفضين والتى اصدر اوامرها وقتذاك اسحاق رابين اظهرت جزء من الوجه البشع للاحتلال .

ولاسباب كثيرة وتطورات عديدة لم ينجح لا الفلسطينيون ولا العرب في استثمار تلك الانتفاضة في فضح الاحتلال وكان من ابرز تلك الاسباب على الاطلاق احتلال نظام صدام حسين لدولة الكويت في الثاني من اب عام 1990 ، وقدم هذا الاحتلال الصدامي لاسرائيل الغطاء السياسي بوجود احتلال اخر في المنطقة وهو عربي لبلد عربي ، فالاحتلال العراقي للكويت كان الشغل الشاغل للعالم برمته على مدى عام تقريبا وصرف النظر بشكل كامل عن القضية الفلسطينية وتداعياتها .

ومع بداية الالفية وتحديدا في عام 2003 احتلت الولايات المتحدة العراق وكانت هذه المحطة هي الاخرى محطة مأساوية في تاريخ الامة العربية ، وترك هذا الاحتلال فينا كعرب انقساما وضعفا زاد من تراجع ثقل القضية الفلسطينية ووفر للدعاية الاسرائيلية مناخها السابق لذي اشرت اليه في بداية مقالي هذا اي قبل انتفاضة الحجارة عام 1987 .

التحول الجذري والدراماتيكي الاكبر في تاريخ القضية الفلسطينية بعد انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965 كان السابع من اكتوبر 2023 وهو الحدث المستمر للعام الثاني والذي احدث زلزالا على اكثر من صعيد سواء اكان ذلك باتجاه القضية الفلسطينية برمتها او ما يتعلق بدولة الاحتلال ، ومن ابرز ما ميز هذا الزلزال من الناحية الصراعية البحتة ما يلي :

• اطول حرب في تاريخ الحروب بين اسرائيل وطرف فلسطيني و او عربي .

• اكثر الحروب كلفة سواء اكانت هذه الكلفة مادية او بشرية للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ( الكلفة الاسرائيلية المادية قرابة 250 شيكل اي قرابة 70 مليار دولار اما الكلفة البشرية فهي مقتل ما يقارب 1866 اسرائليا منهم 881 جنديا ، و82 من الاجهزة الامنية و934 مدنيا ، اما في الجانب الفلسطيني فبلغ عدد الشهداء اكثر من 61 الف شهيد .

• تدمير شبه كامل لقطاع غزة على مرأى من العالم وفي بث مباشر ودقيقة بدقيقة نتج عنه رسم الصورة الحقيقة للاحتلال بكامل وحشيته وبشاعته وهو الامر الذي دفع العالم ولاول مرة منذ قيام هذا الاحتلال محاكمته امام محكمة العدل الدولية بتهمة الابادة الجماعية وامام محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم ضد الانسانية ( نتنياهو وغالانت ).

• صنفت ( IPC) وهي منظمة تنظم وتوثق اعمال اليونيسف ومنظمة الغذاء الدولية ( الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي ان غزة تعيش مجاعة كاملة وهو تصنيف اجبر وسيجبر العالم رؤية دولة الاحتلال باعتبارها دولة دخلت مرحلة " الانحطاط الاخلاقي الكامل " .

ومنذ بداية هذا العام كان جدعون ساعر ومعه رون ديرمر يعدون العدة لتنظيم 400 رحلة لزيارة فلسطين ولمئات الشخصيات من النخب الاميركية والاوروبية وبقية انحاء العالم لخلق ما اسموه ( وعي جديد للعالم ) يرتكز الى ان ما جرى في 7 اكتوبر كان هو سبب كل الماساة الفلسطينية والاسرائيلية ، وذلك لصناعة اكبر عملية تزييف و اضخم ورشة لهندسة التضليل في التاريخ الحديث وربما البشري برمته .

وهكذا عاد

مرة اخرى " الدم الفلسطيني" ليفضح همجية " سيف جدعون " .