خطة ترامب نتنياهو لوقف الحرب في غزة.. قراءة تحليلية سيناريوهات وتوصية فلسطينية استراتيجية

د. صلاح عبد العاطي
خطة ترامب نتنياهو لوقف الحرب في غزة.. قراءة تحليلية سيناريوهات وتوصية فلسطينية استراتيجية
الكوفية خطة الإدارة الأميركية بصيغتها المعدّلة لصالح إسرائيل تحتوي على عناصر إنسانية عاجلة (وقف إطلاق النار ، إدخال مساعدات، تبادل أسرى، إعادة إعمار) لكنها في جوهرها مشروع سياسي–أمني متجزا قد يكرّس وصاية دولية–إقليمية، يهدّد الوحدة الوطنية الفلسطينية ويفصل غزة عمليًا عن الضفة ... ويأتي في ظل إبادة جارية في ظل ضغط إقليمي ودولي للقبول بها جراء حالة العجز الدولي عن وقف الإبادة الجماعية وادخال المساعدات ما يجعل الموقف الأكثر واقعية هو القبول التكتيكي في مناورة مزدوجة: إنقاذ الأرواح الآن مع طلب ملحق يوفر بعض الضمانات مع مواصلة الضغط القانوني والدبلوماسي والشعبي لردع أي محاولات لتطويع الهدنة إلى تصفية.
1. السياق والضرورة
غزة تعيش إبادة ومجاعة ودماراً هائلاً؛ ما يجعل من وقف القتل ضرورة إنسانية وأخلاقية وقانونية.
النسخ المعدّلة من الخطة أظهرت تأثيراً إسرائيلياً مباشرًا (مهل زمنية، آليات نزع سلاح، «مجلس سلام» قيادي دولي–اقتصادي).
غياب غطاء فلسطيني موحّد وانقسام داخلي يزيدان من مخاطر تمرير ترتيبات تجتزئ الحقوق.
2. ما تحمـله الخطة عمليًا (بالموجز)
هدنة/تجميد القتال مقابل إجراءات تبادل رهائن/أسرى (مهلة 72 ساعة في الصيغة المعدّلة).
نزع قدرات عسكرية لفصائل غزة بإشراف دولي (تدمير أنفاق، تفكيك بنى عسكرية).
إنشاء «مجلس سلام» دولي/إقليمي لإدارة الإعمار والمرحلة الانتقالية.
إدخال مساعدات وإعادة إعمار عبر آليات مراقبة، وربطها بشروط سياسية.
انسحاب إسرائيلي تدريجي مشروط بمحيط أمني ونجاح نزع السلاح — من دون سقف زمني واضح.
احتمال تهميش الدور الفلسطيني لصالح مجلس السلام المؤقت عدا عن دخول أطراف اخري عربية وإقليمية كضامنين وممولين ، وأسماء من القطاع الخاص الدولي.
3. الإيجابيات العملية (لماذا لا يمكن تجاهلها)
1. وقف فوري لإراقة الدماء — إنقاذ حياة آلاف المدنيين وحماية الإعيان المدنية .
2. تدفق مساعدات طارئة يخفف المجاعة ويُنقذ جرحى ونازحين ويستجيب للاحتياجات السكان كرنفات وخيام الخ
3. كبح التهجير الجماعي والحفاظ علي ما تبقي من الممتلكات المدنية واعادة الاعمار .
4. نافذة زمنية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني واستثمار الضغوط لاحقًا.
٥. الافراج عن الاسري
هذه المكتسبات إنسانية أولاً ولا يجوز اخضاعها للمساومة او التفريط بها .
4. الألغام والمخاطر البنيوية (لماذا الخطة سيئة سياسياً إن لم تتوافر الضمانات .
1. نزع سلاح المقاومة وإقصاء الفصائل عن القرار.
2. وصاية دولية–إقليمية عبر «مجلس سلام» يقصي او يضعف التمثيل الوطني الحقيقي.
3. فصل عملي لغزة عن الضفة وتفكيك أفق الدولة الفلسطينية.
4. غياب آليات محاسبة ملزمة لإسرائيل عن الجرائم السابقة والمستقبلية.
5. استغلال الإعمار لمشاريع استحواذ عقاري/اقتصادي تغيّر التوزيع الديموغرافي.
6. اعتماد على ضمانات خارجية هشة قابلة للانقلاب عليها من قبل الاحتلال وفق تجارب سابقة او تحولات سياسية دولية.
5. مواقف الأطراف الفلسطينية والوطنية
حماس: رفض نزع السلاح واعتبار القوة الدولية «شكلًا جديدًا للاحتلال» ما لم تكن هناك ضمانات انسحاب حقيقي ووقف إطلاق النار والافراج عن لأسرى ورفع للحصار واعادة الاعمار.
السلطة/م.ت.ف.: موافقة كاملة وميل لاستثمار الآليات الدولية بشرط إشراكها واستعادة صلاحياتها تدريجيًا.
مواطنو غزة: أولوية إنسانية لوقف القتل والابادة وحماية البقاء على الأرض، حتى لو تطلّب ذلك «تجرع مرارة» مؤقتة.
شبكات المجتمع المدني والنخب: مطالبات بوقف العدوان الإسرائيلي وتحذيرات قوية من وصاية وتصفية سياسية؛ دعوات لربط الإعمار بالمساءلة.
6. السيناريوهات المحتملة وتقييمها
سيناريو (أ) — القبول الكامل
نتيجة: وقف فوري للقتال ودخول مساعدات وإعمار وانسحاب وافراح عن الاسري .
خطر: مشروع وصاية طويل ، إقصاء سياسي للفلسطينيين، تفريغ المقاومة من أدواتها.
سيناريو (ب) — الرفض الكامل
نتيجة: استمرار حرب الابادة وتصاعد المجازر والتدمير والتجويع.
خطر: فقدان البنى البشرية والمادية، تحميل المقاومة مسؤولية استمرار الإبادة أمام العالم، وتفاقم الانكشاف والعزالة للفصائل المقاومة .
سيناريو (ج) — القبول التكتيكي المشروط + مناورة مزدوجة (الموصى به عمليًا)
إجراء: قبول هدنة بضمانات مكتوبة وآلية تنفيذ ومتابعة + استمرار المقاومة القانونية والدبلوماسية والشعبية.
مكاسب: إنقاذ حياة المدنيين، وقف تهجير محتمل، إطلاق سراح الأسرى واعادة الاعمار ، كما انها توفر وقت سياسي لإعادة بناء المرجعيات الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني.
متطلبات: وحدة وطنية، ضمانات عربية مكتوبة، آليات متابعة ورقابة دولية فاعلة.
> خلاصة تقييمية: سيناريو (ج) يوازن بين إنقاذ الأرواح وصيانة الحد الأدنى من الأوراق الوطنية — شرط توفر ضمانات حقيقية وآليات تنفيذ ومؤشرات قياس.
7. ضمانات لا يمكن التهاون بها — يجب كتابتها مع القبول
1. انسحاب إسرائيلي مكتوب، بمراحل زمنية محددة مع شروط إجرائية، و آلية تنفيذ ورقابة أممية–عربية–فلسطينية، وعقوبات على التأخير.
2. فتح معابر ورفع حصار بأرقام واضحة (شاحنات/يوم) وإدارة اممية وعربية وفلسطينية شفافة لتوزيع المساعدات.
3. حظر التهجير القسري وشرط قانوني ملزم بمنع أي محاولات إعادة توطين خارجياً.
4. مشاركة فلسطينية فعلية (منظمة التحرير، السلطة، ممثلو غزة) في إدارة المرحلة الانتقالية وصنع القرار.
5. آلية واضحة مرتبطة بشروط بدء الإعمار.
6. تعهدات من الدول الضامنة (مصر، قطر، السعودية، الأردن، تركيا، الإمارات...) بمسؤوليات تنفيذية ومتابعة واضحة .
7. منع تحويل الإعمار إلى مشاريع استحواذ خاصة تُغيّر التوزيع الديموغرافي أو الملكيات.
8. إطلاق سراح شامل ومنسق للأسرى الفلسطينيين وفق جدول متفق عليه وعادل.
9. تعويضات مبدئية وآلية لصرف مساعدات إعادة بناء واعمار .
10. حفظ حق المقاومة المشروعة ضمن الإطار القانوني الدولي.
8. أولويات تنفيذية
1. لقاء وطني (م.ت.ف، الفصائل، ممثلو غزة، المجتمع المدني، الشتات) للمتابعة والمشاركة .
2. إرسال الموافقة مع الضمانات المطلوبة كتابيًا إلى الوسطاء والضامنين والأمم المتحدة، ومتابعة التفاوض للحصول على ضمانات من الدول الضامنة مع آليات واضحة.
4. تفعيل المسار القانوني والتحركات الشعبية والدبلوماسية.
5. إطلاق حملة دولية شعبية ودبلوماسية لرفع كلفة الاحتلال ومتابعة الخروقات.
6. تأسيس آلية رصد فلسطينية–عربية–دولية تباشر التوثيق والمراقبة الفورية.
7. تجهيز خطط استجابة إنسانية وإغاثية عاجلة بالتعاون مع الأمم المتحدة والجهات الإنسانية.
9. كيف نواجه رفض أو إفشال الخطة من الجانب الإسرائيلي؟
من الواضح أن نتنياهو واليمين قد يفضّلان إفشال الخطة لإبقاء خيار الحرب/التهجير مطروحًا؛ لذلك لا يجوز أن نصبح نحن وقودًا لمراهناتهم.
استراتيجية الردّ: قبول تكتيكي مشروط مع ملحق بالضمانات والجدول الزمني للتنفيذ مع ترك مهمة الضغط على نتنياهو للقوى الدولية والعربية التي وافقت علي الخطة باعتبارها ضامن للاتفاق .
نضغط دبلوماسيًا وقانونيًا وجماهيريًا على الضامنين لزيادة كلفة إفشال إسرائيل للاتفاق (عقوبات، تجميد تعاون، شروط مالية) بدلاً من أن يكون الضحية الفلسطيني مُجبَرًا على الدفع مقابل لعبة سياسية داخلية إسرائيلية.
10. الرسالة الوطنية الموجزة التي يجب مراعاتها
شعبيا : انقاذ الأرواح وإيقاف الإبادة التزام أخلاقي يعلو علي السياسي، كما ان الإنقاذ ليس تسليما او تفريط بالحقوق.
الى الوسطاء أي هدنة يجب أن يقابلها ملحق مكتوب بالضمانات وجدول زمني للانسحاب الخ
إلى العالم: وقف الابادة و إعادة الإعمار حق للفلسطينيين ليس بديلا عن باقي الحقوق وليس غطاءً لإفلات من ارتكب الجرائم من. المساءلة.
11. الخاتمة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
المبدأ الأخلاقي والفقهي القائم هو: دَرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. في وجه إبادة وتهجير، يصبح إنقاذ الأرواح مقدم على أي مصلحة سياسية مؤجلة. لكن الإنقاذ لا يعني التخلي عن الحق: قبول تكتيكي + ضمانات مناورة مزدوجة هي الطريق الأدق الآن — حماية أرواح الناس أولًا، وحماية الوجود على الأرض، ومع الاحتفاظ بكل أدوات المقاومة والضغط القانونية والدبلوماسية والشعبية لاسترداد الحقوق ، ولندع
نتنياهو يواجه ضغوط الداخلية الرافضة للخطة وضغوطات العالم ؛ لا نجعل شعبنا رهينة في لعبة سياسية تهدف إلى إنقاذه حال تم رفض الخطة عدا عن الن الرفض سيؤدي الي مواصلة الابادة الجماعية والتهجير القسري.
اللهم احفظ أهلنا في غزة واحفظ شعبنا الفلسطيني