التعارض في المصالح

حمادة فراعنة
التعارض في المصالح
الكوفية ثلاثة أطراف متداخلة متورطة في حيثيات وتفاصيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المحتدم عملياً على امتداد خارطة قطاع غزة، وفي الاشتباك السياسي المفتوح، بين الأطراف الثلاثة: 1- فلسطينياً، 2- إسرائيلياً، 3- أميركياً، إضافة إلى التدخل الهادئ المتزن المباشر لدى الأطراف الوسيطة: 1- مصر، 2- قطر، 3- تركيا.
خارطة واسعة من التفاصيل، والاشتباكات، والتداخل، فرضتها أولاً عملية 7 أكتوبر 2023، من قبل حركة حماس، وتداعياتها خلال السنتين، حتى أكتوبر 2025، وثانياً خطة الرئيس الأميركي ترامب، الذي أعلنها يوم 9 أكتوبر 2025، والتصديق عليها في قمة شرم الشيخ الأميركية يوم 13/10/2025.
الولايات المتحدة سواء في عهد الحزب الديمقراطي وولاية الرئيس بايدن حتى 20/1/2025، أو في عهد الحزب الجمهوري وولاية الرئيس ترامب، قدمت كل الدعم والإسناد والتغطية السياسية والدبلوماسية والتكنولوجية والاستخبارية والمالية، لحكومة المستعمرة، حتى تحقق ما سعت له وفق خطة نتنياهو ويوآف جالنت سابقاً، او مع إسرائيل كاتس وزير الحرب حاليا، ومع رئيس أركان جيش المستعمرة هرتسي هليفي سابقا، ومع رئيس أركان جيش المستعمرة إيال زامير حاليا.
الرئيس ترامب عمل باتجاهين أولاً دعم كامل لنتنياهو لعله يفوز ويُحقق هدفيه المعلنين: 1- تصفية المقاومة، 2- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ولكنه أخفق في تحقيق هدفيه، رغم اعطائه أوقاتا كافية، ولكنه لم يتمكن من إنجاز هدفيه، وثانياً عبر تغيير نتائج إخفاق نتنياهو طوال السنتين، في حربه الهمجية على قطاع غزة، باتجاه إظهاره بالفوز وتحقيق النتائج عبر وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وتنفيد عملية التبادل، فقدم خطته لوقف إطلاق النار، ودعا إلى المؤتمر الدولي في شرم الشيخ لإظهار نتنياهو بالفوز والنجاح، ولكن التضليل والكذب والادعاء والغطاء الأميركي لم يمر على الإسرائيليين، ولم ينخدعوا في ظاهرة إطلاق سراح أسراهم لا أمام العائلات، ولا أمام المعارضة، وواجهوه أنه فشل وأخفق وأن الذي أوقف إطلاق النار، وأطلق سراح الأسرى هو الرئيس الأميركي.
نتنياهو لا مصلحة له بوقف إطلاق النار، بل باستمرار الحرب حتى تستمر حجته بعدم تشكيل لجنة التحقيق لأنه في حالة حرب، وإذا تم تشكيل لجنة التحقيق سيحاكم بالتقصير أولاً بسبب عملية 7 أكتوبر، وثانياً فشله في معالجة تداعيات 7 أكتوبر، وهذا ما يُفسر إبرازه الذرائع لمواصلة القصف والقتل والتدمير.
حركة حماس، لها مصلحة في وقف إطلاق النار، أولاً حفاظاً على وجودها، بعد أن تعرضت إلى ما تعرضت له من خسائر في قياداتها وكوادرها وقواعدها، ثانياً حفاظاً على شعبها الذي دفع أثماناً باهظة خلال الحرب، ثالثاً استجابة لنصائح قطر وتركيا ومصر، ورابعاً إستجابة لمبادرة الرئيس ترامب بهدف تحييد الموقف الأميركي، لمعرفتها أن الرئيس الأميركي له مصلحة في إظهار نفسه على أنه رجل سلام، فاز في وقف حروب متعددة، ويسعى للفوز في وقف الحرب في أوكرانيا، وفي حرب قطاع غزة.
سيبقى الاشتباك السياسي معقداً، صعباً، متداخلاً عبر المد والجزر، لأن معركة غزة لم تحقق نتائج حاسمة لمصلحة أحد طرفي الصراع، فالإسرائيلي أخفق ولكنه لم يُهزم، ولم يندفع بالهرولة للخروج من قطاع غزة، لأن الحرب والبقاء لم تكلفه غالياً، ولم تفرض عليه الانسحاب الإجباري من قطاع غزة، والمقاومة الفلسطينية التي صمدت، ولكنها لم تتمكن من فرض الانسحاب الإسرائيلي عن قطاع غزة.
وبغياب الحسم الميداني على أرض قطاع غزة، سيبقى الاشتباك السياسي غير محسوم النتائج، وهذا ما يُفسر التدخل الأميركي لمصلحة المستعمرة حتى لا يتحول إخفاق نتنياهو إلى هزيمة، أمام صمود الفلسطينيين.