نشر بتاريخ: 2025/12/26 ( آخر تحديث: 2025/12/26 الساعة: 23:50 )

كاتب إسرائيلي: لن نتمكن من طمس حقيقة ما جرى في غزة

نشر بتاريخ: 2025/12/26 (آخر تحديث: 2025/12/26 الساعة: 23:50)

الكوفية أكد الكاتب والباحث الإسرائيلي دان ساغير أن "إسرائيل" لن تتمكن من طمس آثار حربها على قطاع غزة، وأن ما تقوم به لإخفاء الحقيقة عن العالم من خلال حظر التغطية الإعلامية ومنع دخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع، لا يختلف عن ممارسات نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا.

وشدد ساغير، في مقال عبر صحيفة "هآرتس" أن طمس الحقائق لم يعد ممكنا في عالم اليوم، ومهما فعلت الحكومة الإسرائيلية فإن الحقيقة ستظهر في نهاية الأمر.

وقال إن مساعي "إسرائيل" لإخفاء الواقع المروع الذي أحدثته في غزة لم تبدأ مع انتشار صور المجاعة منذ قرار وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع في أوائل مارس/آذار الماضي، بل بدأت منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الثاني 2023.

فقد مُنع المراسلون الأجانب منذ ذلك الحين وبشكل شبه كامل من دخول غزة، باستثناء حالات نادرة، وفي ظل مرافقة لصيقة من ممثلي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الذين حالوا دون التغطية الإعلامية المستقلة.

ورأى الكاتب أن محاولة حجب التقارير في قطاع غزة كانت محكومة بالفشل، نظرا لاستمرار تغطية بعض الصحفيين، إضافة إلى الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي.

وشبّه ساغير ما تقوم به "إسرائيل" اليوم وما قامت به حكومة جنوب أفريقيا قبل 40 عاما عندما منعت طواقم التلفزيونات الأجنبية والصحفيين والمصورين من توثيق ونقل المواجهات بين السود وقوات الأمن البيضاء، وبررت هذه القيود بأن "الكاميرات تؤجج المشاعر".

ولفت إلى أن المتحدثين باسم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا كانوا يزعمون أن وسائل الإعلام الأجنبية لا تقدم تغطية محايدة للأحداث، مؤكدا أن الهدف من تلك الإجراءات كان واضحا، وهو إخفاء الممارسات القمعية عن العالم.

وأضاف ساغير أن نظام الفصل العنصري أدرك لاحقا فشل تلك السياسة، فانتقل إلى الخطوة التالية، وهي طرد الصحفيين الأجانب، وكان الكاتب هو أحدهم.

وقال إن المحاولات الإسرائيلية للسيطرة على السردية أصبحت أداة إستراتيجية، مثلما حدث سابقا في جنوب أفريقيا، ففي كلتي الحالتين بُذلت جهود متواصلة لإخفاء الحقائق والتلاعب بـالقصة الحقيقية، أو إعادة صياغتها قبل نشرها في وسائل الإعلام المحلية، من أجل تشكيل الوعي العام.

لكن هذا التلاعب -وفق الكاتب- أصبح أكثر صعوبة حاليا، في ظل تغطية وسائل الإعلام الدولية للأحداث وضغوط الرأي العام العالمي.

وبالرغم من نجاح نظام الفصل العنصري عبر إعلان حالة الطوارئ ومنع دخول الصحفيين الأجانب، في الحد من التغطية على شبكات التلفزيون الغربية، إلا أن التأثير كان محدودا على الصحافة المكتوبة.

ولم يمنع إغلاق السلطات الإسرائيلية قطاع غزة أمام المراسلين الأجانب من تغطية الأحداث، خاصة على قنوات ذات انتشار واسع مثل "الجزيرة"، وأصبحت التغطية من اختصاص الصحفيين المحليين الذين دفعوا حياتهم ثمنا لذلك بعد أن استهدفهم الجيش الإسرائيلي، لكن ذلك لم يوقف التغطية.

وأِشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية اكتفت بتقارير المتحدث باسم الجيش، ولم يشاهد الجمهور الإسرائيلي الصور القاسية التي كانت تُبث حول العالم إلا على نطاق محدود.

واعتبر أن الحكومة الإسرائيلية لم تدرك حتى الآن أن أي محاولة لفرض حصار قسري على التغطية الصحفية محكوم عليها بالفشل، في عصر يحمل فيه كل شخص هاتفا محمولا مزودا بكاميرا، ويمكنه نشر الصور بكل سهولة على وسائل التواصل الاجتماعي.

ورأى أن الحكومات تستطيع أن تفرض الرقابة وتطرد الشهود وتصنع واقعا بديلا يناسب أجندتها، لكن الحقيقة تظهر في نهاية المطاف، إن لم يكن اليوم فغدا.