نشر بتاريخ: 2025/09/24 ( آخر تحديث: 2025/09/24 الساعة: 12:42 )
حسن عصفور

عبسان الصغيرة طريق ترامب إلى " جائزة نوبل"!

نشر بتاريخ: 2025/09/24 (آخر تحديث: 2025/09/24 الساعة: 12:42)

قد تكون سابقة تاريخية، أن يقف رئيس دولة هي أحد القوى الكبرى، لم تعد عظمى، في العالم المعاصر، ليقدم "كذبة" ستدخل كل قواميس "الكذب السياسي"، بعدما أعلن بأنه أوقف 7 حروب خلال أشهر، ولم يرمش أو يتلعثم وهو يقوم بتعداد تلك "الحروب"، التي كثيرها لم يرد سوى كخبر تم القفز عنه في نشرات إخبارية، تحت جنازير دبابات أمريكية فوق جسد طفل غزي.

المفارقة الكبرى، لا تقف عند حدود "الكذبة الكبرى" لرئيس "الدولة الكبرى"، بل فيما ذهب إليه حول حقه في جائزة نوبل للسلام، بعد تلك الجهود "الخارقة"، التي قام بها خلال أشهر معدودة لا أكثر، رغم "الحروب الحقيقية" في فلسطين وخاصة قطاع غزة، وكذا أوكرانيا لا تزال مستمرة.

ولعل المهزلة الكبرى لرئيس الدولة الكبرى، تواصلت خلال لقاء مع "قادة" دول عربية إلى جانب تركيا وباكستان، عندما أعلن أنه يمكن إنهاء حرب غزة الآن، دون أن يحدد كيف الآن، سوى الحديث عن إطلاق رهائن وانتهاء حكم حماس، وكأن جيش الفاشية اليهودية، وبعد ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية تقترب من ربع مليون إنسان خلال أقل من عامين، وتدمير كل معالم حياة بشرية، تحول إلى "قوة سلام"، وقد يرى ترامب حق قادة جيش دولة الاحتلال في نيل "جوائز سلام ترضية".

خطاب ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23 سبتمبر 2025، وكذا اللقاء اللاحق مع قادة عرب وتركيا وباكستان، قد يكون هو الخطاب الأكثر إهانة سياسية ليس للأمم المتحدة بدولها وهيئتها، بل للبشرية جمعاء، يستحق المطاردة السياسية، عندما وقف بلا خجل ليكون محامي صريح لدولة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، مع الذهاب لتهويد الضفة والقدس.

جوهر مشروع ترامب كيف له أن ينهي "الوطنية الفلسطينية"، وتدمير كل مكتسبات سياسية خاصة البناء الكياني الأول، باعتباره النقيض العملي لمشروع "إسرائيل الكبرى"، الذي يمثل أحد عناصر "رؤية ترامب الحقيقية" لتغيير المشهد العام في الشرق الأوسط والإقليم، وفرض دولة الفاشية اليهودية كقوة "حماية" مساعدة للقوة الأمريكية في المنطقة، والعمل على تطويق مصر بثقلها العام، لصياغة مشهد إقليمي جديد.

خطاب ترامب في الجمعية العامة، وحديثه خلال اللقاء الموسع، يؤكد دون تردد، بأن الولايات المتحدة تقف رأس حربة تمرير مشروع التهويد العام، وقطع الطريق على وجود دولة فلسطين، وبأن خطته الأولى حول قطاع غزة لم تختف من جدول أعماله، يتمسك بها كخيار لا خيار غيره.

خطاب ترامب واللقاء الموسع مع قادة عرب وغير عرب، تكثيف لجوهر الرؤية الأمريكية للمستقبل السياسي في المنطقة، ينطلق من شطب الهوية الوطنية الفلسطينية واستبدالها بهوية مشوهة، وتحت "وصاية جديدة"، لزمن غير معلوم، وحصرها مكانيا وليس سياسيا فقط ضمن حدود الـ 365 كم مربع لقطاع غزة بعد استقطاع أمني يخدم رؤية دولة الكيان، تم التعامل التدريجي تحت الاختبار ما يمكن أن يكون له "حقوقا".

جوهر مشروع ترامب لم يعد مجهولا، بل ربما هو الأكثر وضوحا، مما يدار من أوراق مشاريع،

يرمي بلا أي غموض إلى شطب كل إمكانية لوجود كيان فلسطيني ضمن حدود قرار الأمم المتحدة 19/67 عام 2012، وما تلاها من قرارات تعزيزية، وليس إنهاء حرب غزة وحل قضية الرهائن، كما يكذب كلاما ومواقفا، كي لا يقع البعض في منصبة سياسية هي الأكثر استخفافا بالعقل الإنساني.

مهزلة بمهزلة، فإن طريق ترامب لنيل نوبل للسلام تمر عبر بلدة عبسان الصغيرة، شرق مدينة خانيونس، فتحريرها وإعادة بناءها كاملا شرط الضرورة للجائزة، التي ستصاب بسواد تاريخي لو وصلت إلى من لا يستحق سوى محكمة جنائية دولية.