69 عامًا على مجزرة كفر قاسم... جرحٌ لا يندمل في الذاكرة الفلسطينية
69 عامًا على مجزرة كفر قاسم... جرحٌ لا يندمل في الذاكرة الفلسطينية
الكوفية تحل اليوم، الأربعاء، الذكرى التاسعة والستون لمجزرة كفر قاسم، إحدى أبشع الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين العزّل، والتي راح ضحيتها 49 شهيدًا من أهالي القرية من المزارعين والعمال، بينما كانوا عائدين إلى منازلهم دون علمهم بفرض حظر التجول.

تفاصيل المجزرة
في مساء 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956، فتح جنود الاحتلال النار على الفلسطينيين العائدين إلى كفر قاسم، بعد دقائق فقط من إعلان حظر التجول في القرية، ما أسفر عن 49 شهيدًا و31 جريحًا في 11 موجة إطلاق نار متتالية.
استشهد 44 مواطنًا عند المدخل الغربي للقرية، وثلاثة عند الطرف الشمالي، واثنان داخلها، وكان نحو نصف الضحايا من النساء والأطفال، لتغدو كفر قاسم منذ ذلك اليوم رمزًا للدم الفلسطيني المسفوك بدم بارد.
أوامر بالقتل لا بالاعتقال
تعود تفاصيل الجريمة إلى أمر عسكري أصدره جيش الاحتلال بفرض حظر تجول من الخامسة مساءً حتى السادسة صباحًا، مع توجيه الجنود بإطلاق النار على كل من يخالف التعليمات. ونُقل عن قائد الكتيبة الإسرائيلية يسخار شدمي قوله لضباطه: "من الأفضل أن يكون هناك قتلى على أن نعقّد الأمور بالاعتقالات... لا أريد عواطف."
وبناءً على تلك الأوامر، انتشرت قوات "حرس الحدود" في قرى المثلث، وتولى الملازم جبريئل دهان تنفيذ المجزرة في كفر قاسم.
ورغم تحذير مختار القرية وديع صرصور بأن مئات من الأهالي يعملون خارجها ولن يعودوا قبل المساء، تلقى وعدًا كاذبًا بعدم التعرض لهم، لكن مع حلول الخامسة مساءً، بدأ إطلاق النار على العائدين واحدًا تلو الآخر.

تواطؤ وعدالة غائبة
حاولت حكومة الاحتلال في البداية التعتيم على المجزرة، لكن تسرب الأخبار أجبرها على تشكيل لجنة تحقيق عسكرية، انتهت إلى محاكمة صورية لبعض الضباط المنفذين.
وفي عام 1958 صدرت أحكام بالسجن تراوحت بين 8 و17 عامًا، إلا أن جميع المدانين أُفرج عنهم بعد أقل من عامين، فيما تم الاكتفاء بتغريم قائد الكتيبة شدمي قرشًا واحدًا فقط كـ"عقوبة رمزية".

من كفر قاسم إلى غزة... جريمة مستمرة
بعد 69 عامًا، لا تزال مجزرة كفر قاسم شاهدة على سياسة القتل الجماعي والإفلات من العقاب التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين منذ النكبة وحتى اليوم.
فمنذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش الشعب الفلسطيني فصولًا جديدة من الإبادة، كان آخرها فجر اليوم في قطاع غزة، حيث استُشهد أكثر من 91 مواطنًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية على منازل المدنيين.
وتبقى كفر قاسم، بعد تسعة وستين عامًا، رمزًا للذاكرة الفلسطينية المقاومة، وجرحًا مفتوحًا يذكّر العالم بأن العدالة لا تزال غائبة، وأن الاحتلال مستمر في نهجه القائم على الدم والإنكار.