سؤال الملك عبد الله المشروع جدا..شعار مقابل شعار!

حسن عصفور
سؤال الملك عبد الله المشروع جدا..شعار مقابل شعار!
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23 سبتمبر 2025، تساءل الملك الأردني عبد الله الثاني، عن ردة الفعل العالمية، فيما لو أطلق زعيم عربي تصريحا مشابها لدعوات رئيس وزراء إسرائيل بشأن "إسرائيل الكبرى".. هل كان العالم سيستجيب بمثل هذه اللامبالاة لو أن زعيما عربيا أطلق تصريحات مشابهة؟.
وهنا، تفسيرا لعبارة التصريحات المشابهة ردا على "إسرائيل الكبرى"، العودة لشعار تدمير إسرائيل وإقامة فلسطين على كامل ترابها الوطني، الذي كان مركزيا قبل الذهاب لتوقيع اتفاقات سلام عربية مع دولة الاحتلال، واتفاق إعلان المبادئ بينها ومنظمة التحرير الفلسطينية.
بلا أدنى تردد، كان يجب فورا، أن يخرج بيان رسمي عربي وليس فلسطيني، بالرد بذات منطق سؤال الملك عبد الله، بعدما أطلق المطلوب للعدالة الدولية الفاشي نتنياهو تصريحه يوم 14 أغسطس 2025، إنه يشعر بأنه في "مهمة تاريخية وروحية"، وأنه متمسك "جداً" برؤية "إسرائيل الكبرى"، بأن كل عربي وفلسطيني به مقدس قومي وسياسي بإزالة دولة الفاشية اليهودية، كونها تمثل خطر "وجوديا" على منظومة الأمن القومي العربي.
بالتأكيد، لم يكن ذلك الفعل السياسي، لأسباب لا يوجد بها مجهول كبير، حتى سؤال الملك الغاضب، لم يكمل أضلاعه، واختزلها بالتلميح بدلا من التحديد، والتي لو نطقها كاملة لما هدأ عالم الغرب الاستعماري، ولباتت تلك العبارة الحدث الدولي الأبرز.
إشارة الملك عبد الله، ردا على "إسرائيل الكبرى"، يجب أن تتحول إلى موقف سياسي متكامل، وأن تقال ردا شاملا علانية وبكل وسائل إعلام، وليس عبارة تساؤليه ضمن خطاب مر مرورا وسط كومة من خطابات أممية، وأحداث ساخنة في أكثر من مكان، وأن تعود تحتل مكانتها في اللغة السياسية العربية بمخاطبة الولايات المتحدة ودول الغرب، وبمختلف المناسبات.
الحديث عن المواقف التاريخية برفض كلي لوجود دولة الاغتصاب هو شكل من أشكال المواجهة السياسية، بعدما ذهبت قيادة دولة العدو بعيدا في رفض كل ما كان اتفاقات ومعاهدات، وبديلا للتكيف التعايشي في المنطقة، تعتقد أن تلك الاتفاقات تمثل لها "قاطرة عبور" لتحقيق هدف وهمي تم اختراعه استعماريا بغلاف ديني لعبت بترويجه أيضا، بعض أوساط الإدارة الأمريكية الأكثر تطرفا من أحفاد هرتسل كراهية لفلسطين شعبا وأرضا.
تصريحات نتنياهو لم تكن قولا منفردا أو تعبيرا "شاذا" بل هو الفكر المركزي للحركة الصهيونية، وكل من يدقق في رسوماتهم سيجده شعارا مرسوما كجزء من "التعبئة الفكرية الدينية"، ولذا التصدي لها ليس رفضا فحسب، بل ردا بشعار مضاد بديل، تم التنازل عنه من أجل تحقيق سلام واستقرار، وكلاهما لم يتوفرا لا للمنطقة، ولن يكون لدولة اليهود، فاحتلال شعب وأرض لن يكون جدارا واقيا للمحتلين، وتلك مسألة ليست شعاراتية بل جزء من دروس التاريخ.
عودة نتنياهو، وبالتالي فريقه الحاكم للترويج حول "إسرائيل الكبرى" لا يجب اعتباره تعبير سقط سهوا، أو أنه حالة "انفعالية" في لحظة "عاطفية"، بل هي جوهر الرؤية الكاملة للفكر التهويدي البديل، الذي يعتقد أن 7 أكتوبر 2023، منحه كل "الشرعية" للقيام بتحقيق هدفه المركزي الذي أشار له نتنياهو يوم 9 أكتوبر 2023، بأن زمن تغيير الشرق الأوسط قد بدأ، وهو ما يتوافق تماما مع شعار "إسرائيل الكبرى".
معركة الشعارات هي جزء من المواجهة السياسية للرؤى والمفاهيم، والاستخفاف بها يمثل دفعة لدولة العدو، والتي لا تزال رغم كل ما لها تفوقا وقوة ترتعش من اللغة والشعار، كونها أحد أسلحة التحريض الهام والضروري، التي تعيدها لزمن "الغيتو" القديم.
فلسطين التاريخية حق تاريخي لشعبها..ردا على شعار نتنياهو "إسرائيل الكبرى"، يجب أن يحتل مكانه في اللغة السياسية الرسمية عربيا وفلسطينيا، إلى أن يدرك الفاشي الجديد أن الكلام له كلام وأقسى.