نشر بتاريخ: 2025/09/26 ( آخر تحديث: 2025/09/26 الساعة: 14:14 )
جون مصلح

عودة الانتداب بوجه جديد

نشر بتاريخ: 2025/09/26 (آخر تحديث: 2025/09/26 الساعة: 14:14)

الهدنة هذه المرة ليست مجرد وقف نار.

إنها ورشة كبرى لإعادة صياغة مصير غزة.

بين التهجير الذي فشل فرضه وبين الوصاية التي يجري تمريرها.

يطل علينا شبح الانتداب من جديد.

الخطة التي تُناقش في الغرف المغلقة تقول إن غزة قد توضع تحت وصاية دولية.

لكن الوجه الحقيقي ليس سوى عودة للانتداب البريطاني بغطاء جديد.

توني بلير يعود إلى المسرح ليقود جزءاً من الترتيبات الأمنية والسياسية.

كما لو أن التاريخ يعيد نفسه بعد مئة عام.

حين خرج البريطانيون من بوابة الانتداب ليعودوا اليوم من بوابة الوصاية.

الوصاية التي تُطرح تبدو على الورق حلاً وسطاً.

لكنها في جوهرها وصاية تُفرغ المقاومة من قوتها وتُبقي القرار بيد الخارج.

الدول الكبرى تتحرك لترتيب أوراق المنطقة.

أمريكا تتمسك بخيوط اللعبة.

بريطانيا تعود لتجلس على الكرسي الخلفي لكن بيدها المقود.

أما الفلسطينيون فيُطلب منهم القبول بحكم انتدابي مقنّع تحت شعار وقف الحرب و إعادة الإعمار.

والغاية الحقيقية من فرض الوصاية بدل التهجير واضحة لا تحتاج تمويه.

الهدف متابعة القضاء على أي فكر للمقاومة وتفريغ الأرض من إرادة التحرر.

الهدف حماية امن ما تسمى باسرائيل و مصالح سرطانية للمنطقة تصون مواقع نفوذ الغرب واللاعبين الإقليميين.

الهدف تقسيم خيرات البلاد بين شركاء الصفقة وضمان تدفق الموارد لمن يدفعون ثمن الصفقات.

الوصاية هنا ليست رعاية إنسانية بل آلية لضمان أن لا يعود صوت المقاومة يزعج العدو ويؤثر على ترتيب المصالح.

غزة ستدار كملف استعماري متجدد.

و الوصاية لن تكون سوى احتلال أبيض.

وأن عودة الانتداب بوجه بلير هي محاولة لإعادة رسم خريطة فلسطين من جديد.

الفلسطينيون مطلوب منهم أن يقبلوا أن يُصادر قرارهم الوطني باسم الأمن والإنقاذ.

ولو قارنا بين الأمس واليوم

انتداب الأمس جاء بقرار دولي بعد سقوط الخلافة العثمانية.

رفع شعار الإدارة المؤقتة لكنه أسس لاغتصاب فلسطين وزرع الكيان الغريب فيها.

قالوا آنذاك إنها مرحلة انتقالية لكنها تحولت إلى استعمار كامل وتمزيق الأرض.

وصاية اليوم تُعاد بنفس القاموس لكن بأدوات ناعمة.

يقولون إنها حل إنساني بعد الحرب لكنها في جوهرها إعادة إنتاج للانتداب.

انتداب بلا جنود حمر لكن بجنود بربطات عنق.

انتداب يُمسك بالمعابر ويُشرف على الأمن ويُقنن الاقتصاد.

المخطط واحد وإن تغيّرت الأسماء.

الهدف تذويب المقاومة وتحويل الشعب إلى مجرد ملف إغاثة لا قضية تحرر.