ترامب ونتنياهو.. استعراض في ظل الحرب

بهاء رحال
ترامب ونتنياهو.. استعراض في ظل الحرب
الكوفية عاد نتنياهو من واشنطن بعد أن عقد ثلاثة لقاءات وُصِفت بالمهمة مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض، هذه اللقاءات التي كان يرى المراقبون أنها ستفضي إلى وقف الحرب والإبادة ووقف المقتلة، وإنهاء الحصار الظالم وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية العاجلة، ولكن الأمر جاء مغايرًا لكل التوقعات، واستمرت فصول الحرب ببشاعتها الدائرة، وما خرج عن تلك الزيارة إلا التصريحات المعهودة لترامب، والتي تتخذ شكلًا دعائيًا بات معروفًا أنها السمة الدارجة في كل تصريحاته، والنمط السائد البهلواني الذي يصدّره للإعلام.
لقاء ترامب نتنياهو في البيت الأبيض كان لقاءً بهلوانيًّا، خاصة وهما يعبران لبعضهما البعض عن الامتنان والتودد، ثم خروج نتنياهو بورقة ترشيح ترامب لجائزة نوبل، تلاها تمثيلية التعجب التي ظهرت بكلام ترامب وقد تفاجأ من الموقف، وأنه لم يكن يعلم، وهذه أيضًا من الدعاية التي يتخذها ترامب لنفسه، بينما ضحك نتنياهو، الذي وجد في البيت الأبيض ترحابًا لم يحظَ به من قبل في كنيست الاحتلال، ولا في أي محفل آخر.
برغم الصورة البهلوانية التي خرجت عليها اجتماعيات ترامب/نتنياهو، إلا أن نتائج تلك الاجتماعات الثلاثة بقيت بعيدة عن الإعلام، فلم تُسفر عن إعلان وقف الحرب في غزة، ولم تحمل حلولًا في ملفات عديدة أخرى على الصعيد العربي والإقليمي، ولم تُعلن عما اتفق عليه الاثنان من مصائر ومصائب تنتظر المنطقة برمتها.
حالة الغموض هذه مدعاة للقلق، فلم ترشح معلومات كافية عما اتفقوا عليه، وما الذي دار في الاجتماعات التي اتخذت شكلًا مغايرًا بعيدًا عن أعين الصحافة، والتصريحات المعهودة من جانب الرئيس ترامب، وهذا يجعلنا نضع الكثير من علامات السؤال والاستفهام حول ما جرى في تلك الاجتماعات.
الاستعراض الأحمق الذي تخلل اللقاءات، خاصة فيما يتعلق بتمثيلية ترشيح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، يُعبر عن قمة السخافة، كما يُمثل حالة اللامبالاة التي عليها ترامب تجاه قضية المجازر التي تُرتكب بحق الأبرياء في غزة، والموت والجوع المتواصل، ويُثبت موافقة تامة على كل ما يحدث من قبل إدارة ترامب، الذي كرر إعجابه بشخصية ارتكبت أبشع حروب الإبادة في التاريخ الحديث مثل نتنياهو.
ووسط هذا كله، وبينما تتأرجح المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة، تستمر المقتلة ويستمر الموت في غزة، والناس يرقبون الاتفاق مع كل ثانية، في مراكز الإيواء وخيام النزوح، بلا طعام ولا شراب ولا غذاء، ولا حول لهم إلا الانتظار.