اليمن.. ما بين حضارة الأصل وأصالة الموقف ..

جون مصلح
اليمن.. ما بين حضارة الأصل وأصالة الموقف ..
الكوفية اليمن ليس مجرد اسم على خارطةٍ تُطوى وتُفتح بل هو جذر العرب وموطن الحضارة الأولى. ومسرح التاريخ الذي خطّت عليه شعوبٌ شامخة أروع الملاحم. من مملكة سبأ التي أبهرت العالم بحكمتها وعمرانها إلى حمير ومعين وقتبان. ظل اليمن صانعاً للمجد ومعلما للأصالة ومرآة صافية لعراقة الأمة.
شعب اليمن لم يعرف يوماً الانكسار ولم يبدل ولاءه لأرضه وعروبته رغم الجراح والحصار. أهل الكرامة هؤلاء حملوا في جيناتهم معنى الرجولة. وفي قلوبهم معنى الإيمان فكانوا أوفى العرب لعروبتهم وأصدقهم التزاماً بمبادئهم.
وعندما نزف الجرح الفلسطيني واشتعلت غزة بنارها لم يقف اليمن بعيداً مكتوف اليدين بل تقدّم الصفوف بمواقف قوية وأصيلة لم تكن كلماتٍ على منابر ولا شعاراتٍ للاستهلاك، بل أفعالاً ملموسة مواقف عسكرية مساندة رسمية وشعبية.. حشود خرجت تهتف لفلسطين وكأنها قطعة من صنعاء دماءٌ سالت على طريق الكرامة دفاعاً عن القدس وعن المظلومين وإرادةٌ صلبة تعلن أن قضية فلسطين هي قضية اليمن كما هي قضيّة كل حر أبي.
اليمنيون جسدوا حقيقة أن العروبة ليست نسباً فقط بل ميثاق دم وشرف وارتباط مصير لقد برهنوا أن التضامن مع غزة ليس منة ولا شعار.. بل واجب إيماني ووطني تُترجمه التضحيات على الأرض وتُعبّر عنه المواقف الصلبة في زمن الارتباك والتخاذل.
فاليمن بعمقه الحضاري وأصالته الممتدة منذ آلاف السنين يكتب بالدم اليوم فصلاً جديداً من المجد العربي.. يعلن فيه أن الكرامة لا تُشترى وأن الوفاء لا يُباع وأن الشعوب الحية قادرة أن تصنع التاريخ حتى وهي في قلب المحن.
إنه اليمن العظيم.. أصل العرب وحارس الكرامة ونداء الضمير الذي يصدح في زمن الصمت
من صنعاء إلى غزة.. دم واحد ومصير واحد وأمة لا تموت..
الله غالب